لا يتسع لنا المجال للإتيان على تراجم أعيان علماء هذا العصر كلهم، لأن عددهم كثير، فنكتفي بأكبر عدد ممكن ذكره في هذا المختصر متعللين بأن بين يدينا مجالاً فسيحاً في كتاب (ذكريات مشاهير رجال المغرب) وكتاب (شخصيات مغربية) حيث نوفيهم جميعاً حقهم، ونكفر عن ذنب إغفال من لم نذكره ها هنا والله سبحانه الموفق. وقد سرنا في ترتيبهم على حسب سني وفياتهم لا على ترتيب العلوم، لأن ذلك أدعى لعدم ظن التحيز وما إليه، فليغتفر لنا القارئ المنصف ذلك.
[ابن ناصر]
أبو عبدالله محمد بن ناصر الجعفري الزيني دفين درعة، الإمام جبل السنة وشيخ أهل العلم والعمل في عصره. كان له مشاركة في علوم الشريعة وعلوم العربية، وله قدم راسخ في التصوف، شديد الاتباع للسنة في سائر أحواله، حتى في لباسه وطعامه، سالكاً في ذلك سبيل المرجاني وابن أبي جمرة وابن الحاج صاحب المدخل. وقام بمهمة الإرشاد والتعليم فهدى الله به خلقاً لا يحصون، وكان لإخلاصه ونصحه إذا وعظ أثر وعظه في النفوس، وإذا تكلم انتقش ما تكلم به في قلوب سامعيه.
وقد سافر للحج مرتين فكثر الآخذون عنه شرقاً وغرباً وهو ممدوح أبي على اليوسي بقصيدته الدالية المشهورة. وله رسائل جامعة لوصايا ونصائح غالية من غير تكلف ولا تمل، وغير ذلك. وتوفي عام ١٠٨٩ رحمه الله.
[عبدالقادر الفاسي]
أبو محمد عبد القادر بن علي بن يوسف الفهري ثم الفاسي، به شُهر هو وأهل بيته، الإمام العالم العَلَم، بركة فاس وحجة المغرب في عصره، ولد بالقصر