الذوق وصفاء الذهن وصحة الفهم، حتى كان يقال عنه إن فهمه لا يقبل الخطأ. وصار في الأخير رئيس الهيئة العلمية بالمغرب غير مدافع. وكان أبو العباس المنصور يجلّه ويكرمه ويحضّه على التأليف كثيراً، ويعطيه العطايا السنيّة، فحدثنا الإفراني عنه أنه كان يقول: ما عهدنا بذل المئين إلا في أيام الأشراف السعديّين، وما عهدنا بذل الألوف إلا في أيام المنصور.
له في الكلام مرح مقاصد ابن زكرى، وفي الفقه شرح المنهج المنتخب للزقاق، وفي النحو شرح الألفية وضعه بأمر المنصور وغير ذلك. ولد سنة ٩٢٦ وتوفي سنة ٩٩٥ هـ.
[الهبطي]
هو أبو محمد عبدالله بن محمد الهبطي الطنجي، العالم العامل الناصح المخلص. قال في الدوحة:«كان رضي الله عنه آية من آيات الله تعالى في أرضه وعباده، قائماً على قدم الجدّ في الزهد واتباع السنّة، والانزواء عن الدنيا وتعليم العلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. لا يترك أحداً من أهله وبنيه وأصحابه يخرج عن التقشف وينقطع في الدنيا ولم ير أحد من الرجال والنساء بزاويته إلا أن يكون تالياً لكتاب الله أو ذاكراً لأسمائه ومتعلّماً لمعرفته إلى أن لقي الله تعالى على ذلك.»
قال:«وكتبت من خط الشيخ أبي الحسن الأغزاوي المعروف بالحاجّ، قال أبو زيد عبد الرحمن بن شريح أن الله تبارك وتعالى يبعث لهذه الأمة عند رأس كل مائة من يجدد لها دينها الحديث، ولا يبعد أن يكون منهم الشيخ سيدي أبو محمد الهبطي رضي الله عنه.» قال: «وقد قال هذا القول كثير من الأعلام، وكان الشيخ أبو القاسم بن علي بن خجو يقول هو غزّاليّ هذا الزمن. ولقد منّ الله به علينا وعلى المسلمين.» وناهيك بها شهادة من مثل ابن خجو. ثم قال:
«وكان أحرص الناس على تعليم الله، ويأمر من يلقي بتعليم الأهل والأولاد والعبيد والخدام والإماء عملاً بقوله - صلى الله عليه وسلم - «لأن يهدي الله على يدك رجلاً واحداً خير