الكتاب الذي كان له الأثر الضخم في العالم العربي، والذي كان فتحاً من الفتوح، هو كتاب «النبوغ المغربي في الأدب العربي» للعلامة المحقق والبحاثة المدقق عبدالله كنون الحسني. كانت دراسات الأدب العربي في ازدهار ورقي، وكان النقد ينتقل من طور التقليد إلى طور التحري العلمي الصحيح، وحفلت المكتبة العربية بالكتب تلدها المطابع في خصب عجيب. وفي زحمة هذه الثروة الأدبية لبث المغرب العربي مطوي الصفحات، مجهول الآثار وكأنه بعيد كل البعد عن الحركة الفكرية والفنية، وكأنه لا وجود له في التيار العربي الزاخر. فكان لا بد من عبقرية جبارة تتسلح بسلاح الجرأة والإقدام، وتتصدى للتيار في علم وسلطان، فتنشر ما طوي فيه من صفحات، وتتمّ ما اعتوره من نقص في سلسلة الحلقات، وتوضح العمل الذي قام به النبوغ المغربية في ميدان الأدب، والمشاركة التي له في رفع بناء الحضارة العربية. وكانت العبقرية التي هيأها الله تعالى لهذا العمل الفريد متجسمة في ابن المغرب البار وعلامته الفذ عبدالله كنون. وله وحده يعود الفضل في إحياء الآثار المغربية التي لا تقل قيمة عن سواها في سائر الأقطار العربية، وله وحده يعود الفضل في توجيه الدراسة الأدبية توجيها يتناول الكل دون الجزء، والبناء الكامل دون الأقسام المقسمة.
والذي يروقك في كتابة عبد الله كنون تلك الرصانة العلمية التي تتحرّى