تعرض لذكر الزجال المغربي المعروف بابن غرلة ونصه: «وقد كان ابن غرلة الشاعر المغربي وهو من أكابر أشياخهم، ينظم الموشح والمزنم فيلحن في الموشح ويعرب في الزجل تقصداً واستهتاراً، ويقول: إن القصد من الجميع عذوبة اللفظ وسهولة السبك. وكان الوزير ابن سناء الملك يعيب عليه ذلك، ولهذا لم يثبت شيئاً من موشحاته المزينة في دار الطراز. فانظر كيف كان يلحن ويعرب تقصداً واستهتاراً، واللحن هو المعتاد في الأزجال اذا نظمها الخاصة من الأدباء يتركون إعرابها مجاراة للعامة؛ بل إنهم كثيراً ما يتركون الإعراب حتى في الموشحات تسهيلاً لها وتمليحاً. فعمل ابن غرلة ليس بدعاً في هذا الشأن، ولكن لمزابن خلدون لأهل فاس بكونهم ليس من شأنهم الإعراب هو الذي ليس له محل من الإعراب.
وابن غرلة هذا هو من زجالي عصرنا الذي نتكلم عليه، وكان عاشقاً لأخت الخليفة عبد المؤمن التي تسمى رميلة فيما يقول الحلي، ونظن أنها ابنة الخليفة لا أخته، ومن موشحاته الموشحة الطنانة الموسومة بالعروس التي نظمها في عشيقته وقتله الخليفة بسببها لتوهمه من مطلعها وما يليه الاجتماع بها. والواقعة مشهورة على زعم الحلي. قال: «وكان حسن الصورة جليل القدر ذا عشيرة. وكانت هي أيضاً جليلة القدر جميلة الحلق فصيحة اللسان تنظيم الأزجال الرائعة الفائقة.
هذا وسنثبت بعض ما أشرنا إليه من الموشحات والأزجال في باب خاص في قسم المنتخبات.
بقي كلامنا في التاريخ والسير من العلوم الأدبية. والذي نقوله عنها إنهما لم يكونا أقل حظاً ولا أبخس نصيباً من غيرهما في الرواج والانتشار؛ ففي هذا العصر وضع أول تاريخ نعرفه عن المغرب حاملاً هكذا اسم المغرب، الأمر الذي سيصبح تقليداً متبعاً في الكتب التي توضع بعد في تاريخ هذه البلاد. وهذا التاريخ هو كتاب المعجب في تلخيص أخبار المغرب لعبد الواحد المراكشي. ولئن كانت كتب أخرى في التاريخ والتراجم قد وضعت قبله، مثل أخبار البصرة، وأخبار سجلماسة، وأخبار نكور لمحمد بن يوسف الوراق، وتاريخ الدولة اللمتونية لابن الصيرفي، وكتاب المدارك في التعريف بأعلام مذهب مالك، وتاريخ سبتة، للقاضي عياض وغير ذلك. فإن واحداً من هذه ليس كتاباً جامعاً لتاريخ المغرب بصفته بلاداً ذات وحدة