كان لقب به القاسم بن محمد بن القاسم بن إدريس الحسني فجرى على عقبه، وهم يقطنون بقبيلة بني مستارة، وكان الذي انتقل منهم إلى فاس هو عبدالله الجد الثاني للمترجم، ولذلك يزاد في نسبه المستاري الفاسي. ولد ونشأ بفاس، واشتغل على كبار علماء عصره مثل الفقيه ابن عبد الرحمن، وأحمد المرنيسي، والطالب ابن الحاج، والوليد العراقي، وعبد السلام بو غالب. وما لبث أن صار فرداً بشار إليه في تحقيق مقاصد العلوم، المنطوق منها والمفهوم، وحصل على رتبة الاجتهاد أو كاد وطار صيته في البلاد، وعم النفع به القاصي والدان، وتفوق على الكثير من أشياخه فضلاً عن الأقران. وصفه في الاستقصا بعالم فاس والمغرب، وجزم كثيرون بأنه مجدد القرن الثالث عشر، وقال لنا غير واحد من أشياخنا إن وصف الفقيه في عصره صار علماً بالغلبة عليه، لا ينصرف إذا أطلق إلا إليه. وقال في الفكر السامي:«هذا الشيخ من أكبر المتضلعين في العلوم الشرعية الورعين المعلنين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وخاتمهم في المغرب شيخ شيوخنا وشيخ شيوخ جل المغرب، رأس علمائه في القرن الثالث عشر بلا منازع. كان فقيهاً محدثاً نحوياً لغوياً معقولياً مشاركاً محققاً نزيها قوالاً للحق، مطبوعاً على ذلك، غير هياب ولا وجل، مقداماً مهيباً عالي الهمة، دءوباً على نشر العلم والإرشاد والنهي عن المناكر والبدع التي تكاثرت في أيامه، لا يخشى في الحق لومة لائم، يحضر مجلسه الولاة والأمراء أبناء الملوك وغيرهم وهو يصرح بإنكار أحوالهم وما هم عليه، مبين لهناتهم، غير متشدق ولا متصنع، بل تعتريه حال ربانية، ولكلامه تأثير على سلطان النفوس، رزق في ذلك القبول والهيبة على نحول جسمه. ووصلته بذلك إذابة وسجين، لكن بمجرد سجنه اعتصب الطلبة وقامت قيامة العامة فأطلق سبيله، لذلك فهو أحق ما يقال في حقه مجدد لكثرة النفع به وانتشار العلم عنه، وعن تلامذته وقيامه بالنهي عن المناكر وقته.
وكان شديداً على أهل الطرق، وما لهم من البدع التي شوهت جمال الدين، والمتصوفة أصحاب الدعاوى التي تكذبها الأحوال، وما كان أحد يقدر على الرد عليه مع شدة إغلاظه عليهم وعلى غيرهم وسلوكه في ذاك مسلك التشديد بل التطرف في بعض المسائل، ومع ذلك هابه علماء وقته ولم يجرؤوا على انتقاده لأنه كان يتكلم بالحال لا بالمقال، وتحققوا خلوص نيته ومطابقة سره لعلانيته» أهـ منه بلفظه. له كتب كثيرة، منها الاختصار وتقدم الكلام عليه في ترجمة الرهوني، وله