ينفع ذا الجد منه الجد، ألا وإن التوكل على الله والثقة به أحد أبواب الإيمان، ومن أفضل درجات العدل والإحسان، وهو حقيقة العبودية والتوحيد، وموجب الرضا والتسليم للرقيب الشهيد، فقد جرى القلم بما كان ويكون، ونفذ قضاء الله بكل خير وشر وحركة وسكون، وانقطعت الأطماع عن تأميل غير ما تقدم من مشيئاته، (وتمت كلمة ربك صدقاً وعدلاً، لا مبدل لكلماته، ) ففيم التعب والطلب وقد سبق لك في الكتاب ما سبق؟ وعلام اللهف والأسف على أمر قد فرغ منه قبل أن تخلق، ألم يضمن لك ربك رزقك وما وعد في سمائه، ألم يعلمك أنه لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه؟ فعامل ربك أيها العبد بالتوكل والتسليم، تفز بالعيش الهني والثواب الجسيم.
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: كنت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - يوماً فقال: يا غلام! إني أعلمك كلمات ينفعك الله بهن، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، وأعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، جفت الأقلام وطويت الصحف. إن أحسن الحديث وأبلغ المواعظ كلام الله تعالى (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه) جعلني الله