الوراقين فسألته سحاءة (١) ودواة فأعطانيها فكتبت أبياتاً امتدحه بها وقصدت داره فإذا هو في الدهليز فسلمت عليه فرحب بي ورد علي أحسن رد وتلقاني أحسن تلق وقال أحسبك غريباً، قلت نعم فقال لي من أي طبقات الناس أنت؟ فأخبرته أني من أهل الأدب من الشعراء ثم أنشدته الأبيات التي قلت، فوقعت منه أحسن موقع، فأدخلني إلى منزله وقدم إلى الطعام وجعل يحدثني فما رأيت أحسن محاضرة منه، فلما آن الانصراف خرج ثم عاد ومعه عبدان يحملان صندوقاً حتى وضعه بين يدي، فتحته فأخرج منه سبعمائة دينار مرابطية فدفعها إلي وقال هذه لك ثم دفع إلي صرة فيها أربعون مثقالاً وقال هذه من عندي فتعجبت من كلامه وأشكل علي جداً وسألته من أين كانت هذه لي فقال لي سأحدثك: إني أوقفت أرضاً من جملة مالي للشعراء غلتها في كل سنة مائة دينار ومنذ سبع سنين لم يأتني أحد التوالي الفتن التي دهمت البلاد فاجتمع هذا المال حتى سيق لك وأما هذه فمن حر مالي يعني الأربعين ديناراً فدخلت عليه جائعاً فقيراً وخرجت عنه شبعان غنياً.
(١) السحاءة قصاصة من الورق كالسير في عرض رأس الخنصر تلف على الكتاب بعد طيه ويلصق رأسها.