للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت سروخ الهم عني عوازباً ... وبعد النوى أضحت مراتعها الصدرا

وكانت عيون الحادثات غوافلاً ... زمانا وخطب الدهر كان بناغرا

ليالي كان البنين عن جيرة الحمى ... صدوداً ونظم الشمل لم يستحل نثرا

وكانت مدامات الوصال مدامة ... على القوم صرفاً لا مزيجاً ولا تزراً

تجاذب أخدان الصفاء كؤوسها ... فلا تخشي منها خماراً ولا سكراً

فبينا ليالي الوصل بيض وروضه ... بفيض الندا كانت مرابعه خضرا

عدت غدوة أيدي الحوادث فاختلت ... خلاها (١) ٩ فعادت بعد نضرتها غبرا

وأبدلن مانوس الديار وأهلها ... بوحش وحولن الأهيل بها قفراً

وبينا جموع الحي كالراح شبتها ... بماء فما تخشى جفاء ولا نعرا

وكالفرقدين الطالعين تألفاً ... وصاحبي الملك الذي نادم الشعري (٢)

أصابتهم عين الكمال فغادرت ... أكفهم من كل ما جمعت صفرا

وردتهم مثل الثريا إذا رأت ... سهيلا بشحط البين أو واصل والرا (٣)

فأصبح في أرجائها البوم منشداً ... يردد ما قال من قد خلا شعراً:

(كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ... أنيس) بلى لكن هوى جدهم عثرا


(١) الخلا النبات الرطب الرقيق واختلاؤه قطعه.
(٢) هو جذيمة بن الأبرش وندماه الفرقدان.
(٣) كناية عن البعد والفراق فإن الثريا نجم شامي وسهيلاً نجم يماني وأما واصل فهو ابن عطاء شيخ المعتزلة كان يلثغ بالراء فيبدلها غينا ولاقتداره على الكلام يتجنبها فلا تقع في كلامه.

<<  <  ج: ص:  >  >>