كتاب النبوغ المغربي في الأدب العربي

الرثاء وذكر الموت - وللشيخ أبي على اليوسي يرثي زاوية الدلاء لما أوقع بها السلطان مولاي رشيد العلوي سنة ١٠٧٨ - ج: 3 - ص: 900

فلا تتبل بالحادثات ولا تثق ... فما وهبت يوماً فموهبها معرى

مقربها مقصى ومرفوعها لقى ... ومنهلها مظما ومكسوها معرى

ولا تركنن للدهر إن نعيمه ... ظلال سحاب يمسح السهل والوعرا

فبينا تراها قد كستك ببردها ... تجافت بأميال فألبست الحرا

ملول فما باق على عهد خلة ... ولا مستديم فيك يسرا ولا عسرا

فإن سر فلتظفر وإن ساء فاصطبر ... لعودته فالدهر ما يألف الصبرا

عشير متى يحسن فقد بر عشرة ... وإلا فكن بالصبر في حكمه البرا

وإن كان يمضي الخطب والحر لم ينل ... جاحاً ولا عاراً به فكن الحرا

وإن سبقتك الحادثات بفائت ... فسوف يريه الدهر فانتظر الدهرا

ألم تر أن الدهر حبلى أنية (١) ... ولادتها يوماً وإن لم تكن تدري

فمن منح تسلي ومن محن تسي ... نتائجها صغري على الماء أو كبرى

* * *

لا تأمنن أبناءه أن تحببوا ... إليك فمن يشبه أباه فقد برا

وكل بني دهر فأشباه دهرهم ... على ما قضى الله الكريم وما أجرى

متى ما ارتجوا رغباء منك تقربوا ... إليك وأبدوا خالص الود والبرا

وأخفوا دميماً كان فيك وأظهروا ... جميلاً وقالوا ذو محاسن لا تعرى (٢)

---

(١) أي مدركة توشك أن تضع حملها.
(٢) لا تجحد.