فقد أسند الجد إلى المصدر، وليس الجد هو الفاعل الحقيقي، ولكن الفاعل الحقيقي هو الرجل الجاد، فإسناد الفعل هنا إلى مصدره مجاز عقلي علاقته المصدرية.
- ومنه قول الشاعر:
تكاد عطايا يجن جنونها ... إذا لم يعوذها برقية طالب
فقد أسد الفعل - وهو (يجن) - إلى مصدره وهو (جنونها)، وهو مجاز عقلي علاقته المصدرية.
٤ - الزمانية: وهي أن يسند الفعل إلى زمانه، كما في قولهم: نهاره صائم، وليله قائم، فقد أسند الصوم إلى النهار، والقيام إلى الليل، مع أن الصائم هو الرجل، وكذلك القائم بالليل هو الرجل، ولكنهم أسندوا الحدث إلى الزمان لوقوعه فيه، على سبيل المجاز العقلي، والعلاقة هي الزمانية، ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم إني أحمدك على العرق الساكن والليل النائم"، والليل لا ينام ولكن ينام الناس فيه، فقد أسند النوم إلى الليل لوقوعه فيه.
ومن المتداول في هذا الباب قول جرير:
لقد لمتنا يا أم غيلان في السري ... ونمت وما ليل المطي بنائم
فقد نفى النوم عن الليل، والليل لا ينام، والمراد نفيه عن المطي، ومنه قول أبي البقاء الرندي:
هي الأمور - كما شاهدتها- دول ... من سره زمن ساءته أزمان
فقد أسند فعل السرور والإساءة إلى الزمان، وهو لا يقع منه ذلك ولكن يقع فيه.
٥ - المكانية: وهي أن يسند الفعل إلى مكانه، ومن أمثلته قولهم: طريق سائر ونهر جار، فقد أسند السير إلى الطريق، والطريق لا يسير وإنما يسير الناس فيه، فإسناد السير إلى الطريق مجاز عقلي علاقته المكانية.
وكذلك أسند الجريان إلى النهر، وإنما يجري الماء فيه، فإسناد الجريان إلى النهر مجار عقلي علاقته المكانية؛ قال الله تعالى: {وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ