[هو من أساليب العربية التي ورد بها القرآن الكريم، وكثر على ألسنة الشعراء.]
وهو من قولهم: لفت وجهه عنه إذا صرفه، والتفت التفاتاً، إذا حول وجهه يميناً أو شمالاً.
وهو في اصطلاح البلاغيين: التعبير عن معنى بطريق من الطرق الثلاثة - التكلم، والخطاب، والغيبة- بعد التعبير عنه بطريق آخر منها.
الصورة الأولى: الالتفات من التكلم إلى الخطاب: وذلك كما في قول الله تعالى: {وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}[يس: ٢٢]، فقد عبر عن المعنى أولاً بطريق التكلم فقال:"ومالي لا أعبد الذي فطرني" ثم التفت فعبر عنه بطريق الخطاب، فقال:"وإليه ترجعون" وكان مقتضى الظاهر أن يقول: "وإليه أرجع" وذلك لما في الالتفات من فائدة تحذيرهم من أنهم راجعون إلى الله تعالى، فكأنه قال: كيف لا تخافون من ترجعون إليه فيحاسبكم على ما قدمتم؟
الصورة الثانية: الالتفات من التكلم إلى الغيبة، وذلك كما في قول الله تعالى:{يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ}[الزمر: ٥٣]، فقد عبر عن المعنى أولاً بطريق التكلم: فقال: "يا عبادي" ثم التفت فعبر عن بطريق الغيبة فقال: "من رحمة الله" لأن الاسم الظاهر من قبيل الغيبة، وكان مقتضى الظاهر أن يقول:"من رحمتي" وذلك لما في الالتفات من فائدة اقتضاها المقام، وذلك أنه أجرى الحديث أولاً على طريق التكلم، لأن الله تعالى أراد أن يغمر عباده الذين أسرفوا على أنفسهم في العاصي ثم ندموا على ما قدمت أيديهم، بعطفه، وأن يسبل عليهم رداء الأمان فأضافهم إليه تعالى ولكنه التفت فعبر عن نفسه بطريق الغيبة فقال:"لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً" تعظيماً لاسمه سبحانه، وإشعاراً للمخاطبين بما يحمله هذا الاسم من عظمة، فيطمئنوا إلى رحمته، لأن أخص صفات الله تعالى هي الرحمة.