والاختلاف إنما هو في اللفاظ والعبارة فقط مع أن الشرطة هو: أن يكون الاختلاف في وضوح الدلالة على المعنى.
وقد اشترطوا في المعنى المراد إيراده بالطرق المختلفة في وضوح الدلالة أن يكون مدلولا عليه بكلام مطابق لمقتضى الحال، ومعنى هذا أن علم البيان لابد فيه من اعتبار علم المعاني، وأن هذا من ذاك بمثابة المفرد من المركب.
[مباحث علم البيان]
اللفظ المستعمل في غير ما وضع له إن قامت قرينة مانعة من إرادة معناه الاصلي كان مجازًا وإن لم تقم قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلي كان اللفظ كناية.
ثم إن المجاز إن كانت علاقته هي المشابهة، كان اللفظ استعارة، وإن كانت علاقته غير المشابهة كان اللفظ مجازًا مرسلًا.
ولما كانت الاستعارة قائمة على التشبيه، كان من الضروري دراسة التشبيه أولًا.
ولهذا انحصرت أبواب علم البيان في ثلاثة الأبواب التالية:
أ- التشبيه ... ب- المجاز ... جـ- الكناية
وقدموا التشبيه على المجاز لأن منه الاستعارة، وهي مبنية على المبالغة في التشبيه؛ إذ هو منها بمنزلة الأساس من البناء، أو بمنزلة الأصل من الفرع.
وقدموا المجاز على الكناية لأنه بمنزلة الجزء من الكل، لأن المعنى المقصود من المجاز هو اللازم فقط، بينما المقصود من الكناية هو اللازم مع جواز إرادة الملزوم.
وتوضيح ذلك أنك إذا قلت في الاستعارة "مثلًا": "رأيت أسدًا يخطب" كان المقصود هو اللازم فقط وهو: أنك رأيت رجلًا شجاعًا، ولكنك إذ قلت "في الكناية": "رأيت رجلًا كثير الرماد" كان المقصود هو اللازم وهو أنك رأيت رجلًا كريمًا مع جواز إرادة الملزوم وهو أنه كثير الرماد فعلًا.