كأن سهيلًا والنجوم وراءه ... صفوف صلاة قام فيها إمامها
وذلك لأنه لما كانت هيئة المصلين الذين يقفون صفوفًا يتقدمهم إمام معروفة دون هيئة سهيل مع النجوم، كان ذلك دافعًا للشاعر أن يعقد شبهًا بين هاتين الهيئتين.
٣ - وإما أن يكون الغرض هو: بيان مقدار حال المشبه في القوة والضعف، والزيادة والنقصان، كما في تشبيه الثوب الأسود بالغراب في شدة السواد، وكما في قول الحسن بن وهب:
مداد مثل خافية الغراب ... وأقلام كمرهفة حداد
وعليه قول الشاعر:
فأصبحت من ليلى الغداة كقابض ... على الماء خانته فروج الأصابع
يقول: إنه قد بلغ في بوار سعيه- في الوصول إليها والتمتع بها- أقصى الغايات، حتى إنه لم يحظ منها بما قل، ولا بما كثر.
٤ - وإما إن يكون الغرض هو: تقرير حال المشبه في نفس السامع وتقوية شأنه، كما في تشبيه من لا يحصل من سعيه على طائل بمن يرقم على الماء وذلك لأنك تجد في هذا من تقرير عدم الفائدة ما لا تجده في غيره، وذلك لما علمت من أن الفكر بالحسيات أتم منه بالعقليات، لتقديم الحسيات، وفرط إلف النفس لها.
ومنه قول الله تعالى:(وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّة)[الأعراف: ١٧١].
وهذه الأغراض الأربعة تقتضي أن يكون وجه الشبه في المشبه به أتم، وهو به أشهر، ولهذا ضعف قول البحتري:
على باب قنسربن والليل لاطخ ... جوانبه من ظلمه بمداد
فإنه رب مداد فاقد اللون، والليل بالسواد وشدته أحق وأحرى، ولهذا قال ابن الرومي: