الاختلاف إما أن يكون في الوزن والتقفية معًا، وإما أن يكون في التقفية دون الوزن، وإما أن يكون في الوزن دون التقفية.
فمثال ما كان الاختلاف فيه الوزن والتقفية: قول الله تعالى: {فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (١٣) وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ} [الغاشية: ١٣، ١٤] فالقرينتان هما: (سرر مرفوعة) و (أكواب موضوعة)، لأن لفظ:(فيها) لا يوجد ما يقابله، فلا اعتبار به، (فسرر) -وهو نصف القرينة الأولى- يقابله:(أكواب) من القرينة الأخرى، وقد اختلفا في الوزن والتقفية، فوزن (سرر): (متقا) ووزن: (أكواب)، (مستفعل)، وتقفية الأولى بالراء، أما الثانية فبالباء.
ومثال ما كان الاختلاف فيه في التقفية دون الوزن قولهم:(حصل الناطق والصامت، وهلك الحاسد والشامت) أي: أنعم الله على فحصل عندي وملكت الناطق وهو الرقيق، والصامت: كالخيل ونحوها؛ كالعقار، (فحصل) على وزن (هلك) وقافيتها مختلفة، لأن قافية الأولى هي اللام، ولكن قافية الثانية هي الكاف، وكذلك يقال في: ناطق، وحاسد، وأما (صامت) و (شامت) فلابد فيهما من التوافق وزنًا وقافية، لأنهما فاصلتان.
وأما ما كان الاختلاف فيه الوزن دون التقفية فقد مثل له بعضهم بقوله تعالى: {وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً (١) فَالْعَاصِفَاتِ عَصْفاً} [المرسلات: ١، ٢] لأن وزن: المرسلات -في نظره- مخالف لوزن "العاصفات" والحق أنهما متوافقان، لأن المعتبر هنا هو الوزن الشعري لا النحوي.
ويشترط لحسن السجع: اختلاف قرينتيه في المعنى، ولهذا فإن قول الصاحب بن عباد في قوم مهزومين "طاروا واقين بظهورهم صدورهم، وبأصلابهم نحورهم" لا يعد سجعًا حسنًا، لعدم اختلاف قرينتيه في المعنى، لأن أصلابهم بمعنى ظهورهم، ونحورهم بمعنى صدورهم.
وأحسن السجع: ما تساوت قرائنه، كقوله تعالى: {فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (٢٨) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (٢٩) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [الواقعة: ٢٨، ٣٠]، فهذه قرائن ثلاث، تساوت في أن كلاً منها مركب من كلمتين.