حباً في إطالة الكلام في حضرة الذات العلية، ولهذا لم يكتف سيدنا موسى عليه السلام، بذكر المسند إليه ولكنه أردف ذلك بذكر أوصاف لم يسأل عنها، فقال:{أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآَرِبُ أُخْرَى}[طه: ١٨]، ولم يذكر هذه المآرب طمعاً في أن يسأل عنها فيجيب فيتلذذ بالسؤال والجواب معاً.
٧ - إظهار التعجب منه، لأن الحكم غريب يندر وقوعه، وذلك كقولك - عن إنسان سبق الحديث عنه: فلان يصارع الأسود، أو فلان عبر المحيط! !
٨ - قصد التسجيل على السامع بن يدي القاضي حتى لا يكون له سبيل إلى الإنكار، وذلك كأن يقول القاضي لمن شاهد واقعة: هل أقر هذا بأن عليه لفلان كذا من المال؟ فيجيب الشاهد: نعم أقر فلان أمامي بكذا، فيذكر اسمه لئلا يجد المشهود عليه سبيلاً إلى الإنكار إذا لم يذكر اسمه.
٩ - حرص المتكلم أن يضيف الخير إلى المسند إليه في صورة واضحة ومؤكدة، ومن ذلك قول عبد الله بن الدمينة معاتباً صاحبته أمامه:
وأنتِ التي قطعت قلبي حزازة ... وفرقت قرح القلب فهو كليم
وأنتِ التي كلفتني دلج السري ... وجون القطا بالجهلتين جثوم
وأنتِ التي أحفظتِ قومي فكلهم ... بعيد الرضا، داني الصدور كظوم
فأجابته أمامه - على وزنها، ورويها-:
وأنتَ الذي أخلفتني ما وعدتني ... وأشمت بي من كان فيك يلوم
وأبرزتني للناس ثم تركتني ... لهم غرضاً أرمى وأنت سليم
فلو أن قولاً يكلم الجسم قد بدا ... بجسمي من قول الوشاة كلوم
فالشاعر هنا يلوم صاحبته بأنها قطعت قلبه وجداً، ونكأت جرح قلبه، وكلفته الإدلاج السري، أغضبت قومه عليه، وأمامه تجيبه معاتبة هي الأخرى بأنه أخلف وعده لها، وأشمت بها من كان يلومها فيه، وكشف أمرها للناس، ثم تركها غرضاً لسهام قالتهم.