تستلزمها- كما في المثال السابق- وكما في قولهم:"فلانة تؤوم الضحى" كناية عن أنها مترفة مخدومة فقد صرح فيها بالموصوف: (فلانة) كما صرح بالنسبة، وهي: إسناد النوم في الضحى إليها، ولم يصرح بالصفة المطلوب نسبتها، وهي:(الترف والنعمة) ولكن ذكر مكانها صفة تستلزمها، وهي:(النوم إلى الضحى).
وهي نوعان: قريبة، وبعيدة:
فأما القريبة فهي: ما ينتقل الذهن فيها من المعنى الأصلي إلى المعنى المقصود بلا واسطة بين المنقول عنه والمنقول إليه، كما في قولك:(فلان طويل النجاد) فالمطلوب بقولك: "طويل النجاد" صفة هي: "طول القامة"، وليس بين النجاد، وطوب القامة واسطة، وإنما ينتقل الذهن من طول النجاد إلى طول القامة مباشرةً.
والقريبة نوعا، واضحة وخفيفة:
فالواضحة: ما يفهم منها المقصود لأول وهلة، لوضوح اللزوم بين المكنى به، والمكني عنه، كما سبق في قولك:(فلان طويل النجاد).
ومنه قول الشاعر:
أبت الرودف والثدى لقمصها ... مس البطون وأن تمس ظهورا
فقد كنى عن كبر عجيزة المرأة، ونهود ثدييها بارتفاع قمصها عن أن تمس منها بطنها، أو ظهرها، وهي واضحة- كما ترى-.
والخفية: ما لا يفهم منها المقصود إلا مع شيء من التأمل والتفكير لخفاء اللزوم بين المكني عنه والمكنى به، كما في قولهم:(فلان عريض القفا) كناية عن غبائه، فإن عرض القفا مما يدل على البلاهة والبلادة إلا أن فهم ذلك يتوقف على إعمال فكر وروية، لخفاء اللزوم بين المعنيين، لأنه لا يدركه كل أحد.
وأما البعيدة: فهي: ما ينتقل الذهن فيها من المعنى الأصلي إلى المعنى المراد بواسطة، كما في قول الشاعر: