و (هل) كالسين وسوف، تمحض المضارع للاستقبال وضعًا، فلا يجوز لك أن تقول:(هل تؤذي فؤادًا وهو أخوك؟ ) لأن الأخوة حالية، وإذا كان الفعل واقعًا كما يفهم عرفًا من تقييده بالأخوة فإنه لا يصح دخول (هل) عليه؛ لأنها تمحض الفعل للاستقبال والفعل -هنا- واقع في الحال، وهما معنيان متدافعان.
[وجه اختصاص (هل) بالفعل]
لما كانت (هل) مختصة بطلب التصديق، وكانت ممحضة المضارع للاستقبال، كان تعلقها بالفعل ودخولها عليه أكثر؛ حيث إن زمانية الفعل أظهر من زمانية الاسم إذا كان وصفًا، فالزمن في الفعل جزء مدلوله، ولكنه في الاسم ليس كذلك.
وأما أن اختصاصها بطلب التصديق يقتضي مزيد تعلقها بالفعل فلأن التصديق هو الحكم بالثبوت أو الانتفاء؛ وهما يتوجهان إلى المعاني والأحداث التي هي مدلولات الأفعال لا إلى الذوات التي هي مدلولات الأسماء.
وأما أن تمحيضها المضارع للاستقبال يقتضي مزيد تعلقها فأمره واضح؛ لأن تمحيضها المضارع للاستقبال دليل على تأثيرها فيه، وتأثيرها في المضارع دليل على أن لها مزيد تعلق بجنس الفعل وإلا لما أثرت فيه، على أنه لا يخفي أن كون (هل) لها مزيد اختصاص بالفعل يرجع فيه إلى استعمال العرب؛ ولم تكن في حاجة إلى مثل هذا التعليل.
ولهذا فإنها لا يعدل بها عن الفعلية إلى الاسمية إلا لنكتة بلاغية: وتلك النكتة البلاغية هي: (إبراز ما سيوجد في صورة الحاصل الموجود اهتمامًا بشأنه؛ وذلك أدل على كمال العناية به من إبقائه على أصله).
ومن هنا: كان قول الله تعالى: {فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ}[الأنبياء: ٨٠] أدل على طلب حصول الشكر من قولنا: (فهل تشكرون؟ ) ومن قولنا: (فهل أنتم تشكرون؟ )؛ مع ما فيه من التأكد بالتكرير لأنه على تقدير: فهل تشكرون تشكرون؟ ثم حذف الفعل الأول؛ فانفصل ضميره؛ لأن الآية الكريمة قد أبرزت