شبهنا الإذلال بالقتل، بجامع شدة الآلم في كل منهما، ثم تنوسى التشبيه، وادعى أن المشبه وهو: الإذلال، داخل في جنس المشبه به وهو: القتل، وفرد من أفراده، ثم استعرنا لفظ المشبه به وهو: القتل للمشبه وهو: الإذلال، على سبيل الاستعارة التصريحية الأصلية، لأن اللفظ المستعار هو: اسم جنس.
وقد يتأول في اسم العلم المشهور بوصف، فيستعار اسم جنس تأويلاً، كما في قولك:"رأيت اليوم حاتماً" تقصد: رجلاً كريماً، فلفظ "حاتم" علم على ذات معروفة، ولكن تزول فيه، فجعل اسم جنس موضوعاً لمطلق ذات متصفة بالجود، ومن هنا صح جعله استعارة لكل جواد، بادعاء دخوله في جنس حاتم واعتباره فرداً من أفراد.
وإجراء الاستعارة فيه أن تقول: شبه فلان بالرجل الكريم، بجامع الجود في كل منهما، ثم تنوسى التشبيه، وادعى أن المشبه أحد أفراد حاتم باعتباره مفهومه الكلي التأويلي، ثم استعير اسم المشبه به للمشبه استعارة تصريحية أصلية، لأن اللفظ المستعار، وهو:"حاتم" اسم جنس تأويلاً، والتبعية هي: ما كان اللفظ فيها: فعلاً، أو اسماً مشتقاً، أو حرفاً.
١ - أما الاستعارة في الفعل: فهي إما أن تكون في الفعل باعتبار مادته، وإما أن تكون باعتبار صيغته.
(أ) فمثال الاستعارة في الفعل باعتبار مادته: قول الله تعالى: (يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا)[الروم: ٥٠]، فقد شبه تزيين الأرض بالنبات بالإحياء في الحسن والنفع، ثم استعير الإحياء للتزيين، فصار الإحياء بمعنى التزيين، ثم اشتق من الإحياء بهذا المعنى "يحيى" بمعنى: يزين، على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية.
ومنه قول أبي الطيب المتنبئ:
وتحيي له المال الصوارم والقنا ... ويقتل ما تحيي التبسم والجدا
فقد شبه جمع المال بالصوارم والقنا بالإحياء، بجامع عموم النفع في كل؛ ثم تنوسى التشبيه وادعى أن المشبه - وهو جمع المال - فرد من أفراد المشبه به - وهو