ومثال الثاني: قول الله تعالى: {وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (٧) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات: ٧، ٨] فالحاء والدال غير متقاربين في المخرج، لأن الهاء حلقية، والدال لسانية.
ومثال الثالث قول البحتري:
هل لما فات من تلاق تلافي؟ أم لشاكٍ من الصبابة شافي؟
والتلافي: مصدر من: تلافي الأمر: تداركه، والصبابة: الشوق، فالجناس بين (تلاق) و (تلافي) والقاف والفاء في آخرهما متباعدتان في المخرج.
غير أنه يشترط في اللفظين المختلفتين في نوع الحرف ألا يقع الاختلاف في أكثر من حرف واحد. وإلا لم يبق بينهما تجانس لفظي (كفتح وفقد) و (علم وعرف) و (خبز وخرج) إذ ليس بين تلك الألفاظ تجانس لفظي لأن الاختلاف في نوع الحرف قد وقع في أكثر من حرف.
[٢ - والحالة الثانية: وهي حالة الاختلاف في عدد الحروف]
فإذا ما اختلف اللفظان في عدد الحروف، بأن كان عدد أحد اللفظين رائدًا، سمي (الجناس الناقص)، وذلك لنقصان أحد اللفظين عن الآخر في عدد الحروف.
وهو ثلاثة أنواع: (مطرف) و (مكتنف) و (مذيل).
فالمطرف: ما كانت الزيادة فيه في أول اللفظ، كما في قوله تعالى: {وَالْتَفَّتْ السَّاقُ بِالسَّاقِ (٢٩) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ} [القيامة: ٢٩، ٣٠]، وبين الساق والمساق: جناس، لأن باللفظ الثاني زيادة هي الميم في أوله.
والمكتنف: ما كانت الزيادة فيه في وسط اللفظ نحو قولهم: (جدي جهدي) بفتح الجيم فيهما، والهاء زائدة في وسط اللفظ الثاني.
والمذيل: ما كانت الزيادة فيه في آخر اللفظ، كقول أبي تمام:
يمدون من أيد عواصٍ عواصم تصول بأسياف قواض قواضب
أي: عاصيات على أعدائهم، عاصمات لأوليائهم، وقواض يعني: مهلكات وقواضب يعني: قاطعات، بين (عواص) و (عواصم) جناس ناقص لزيادة حرف