للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهو يقول: إن للمدوح على نعماً سابغة، يعد وجودي منها، ولا أستطيع حصرها، إذ ليس المقصود بالأيادي معناها الحقيقي، لأن قوله: "سابغة" قرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي، لأن الأيادي الحقيقية لا توصف بالشمول، فالمقصود هنا هو النعم، فلفظ "أياد" مجاز مرسل علاقته السببية، لأن الأيادي سبب في النعم.

٢ - المسببية: وذلك كما إذا استعملت "النبات" في "الغيث" فقلت: "أمطرت السماء نباتاً"، فليس المراد بالنبات هنا معناه الحقيقي، لأن قولك: "أمطرت" قرينة مانعة من إرادة المعنى الحقيقي، إذ النبات لا ينزل مطراً، ولكن المراد به هنا هو: الغيث، فالنبات هنا: مجاز مرسل علاقته المسببية، لأن النبات مسبب عن الغيث.

ومنه قول الله تعالى: {وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا} [غافر: ١٣] فقد عبر عن الماء بالرزق على سبيل المجاز المرسل لعلاقة المسببية، لأن الرزق مسبب عن الماء، والقرينة هنا قوله تعالى: {يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ} لأن الرزق لا ينزل بذاته من السماء.

٣ - اعتبار ما كان، وذلك في قوله تعالى: {وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٢]، فليس المراد باليتامى المعنى الحقيقي، بقرينة الأمر بدفع الأموال إليهم، وتمكينهم منها بالتصرف فيها، وذلك لا يكون إلا بعد البلوغ حتى يحسنوا التصرف فيما يدفع إليهم من أموال آبائهم، فالمراد باليتامى: البالغون منها، بإطلاق اليتامى على البالغين الراشدين مجاز مرسل علاقته اعتبار ما كان.

٤ - اعتبار ما يكون، وذلك كما في قوله تعالى: {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: ٣٦] إذ ليس المراد من الخمر معناه الحقيقي، بقرينة قوله: "أعصر" لأن الخمر عصير، والعصير لا يعصر، ولكنه أراد: عنباً يؤول عصيره إلى خمر، فلفظ "الخمر" مجاز مرسل علاقته اعتبار ما يكون، أي ما يزول إليه العنب.

٥ - الجزئية: وذلك كما في قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢]، فليس المقصود بالرقبة هنا هو الجزء الخاص بها فحسب، بقرينة قوله: "فتحرير"، لأن التحرير إنما يكون للذات كلها، فالرقبة هنا: مجاز مرسل علاقته الجزئية لأن الرقبة جزء من العبد.

<<  <   >  >>