للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومثال ذلك: أن يحضر إليك رجلان تجمعك بهما صداقة، غير أن أحدهما أقدم صحبة من الآخر فتقول لآخر يعلم بهذه الصلة: "جدير بالوفاء" تريد أقدمهما صحبة، ولكنك تترك ذكره حينئذ، اختباراً لمقدار تنبه السامع، أيتنبه إلى هذا المحذوف لهذه القرينة الخفية - وهي أن ذا الوفاء هو: ذو الصداقة القديمة، دون حادثها، أم أنه لا يتنبه؟

٥ - الحذر من فوات فرصة سانحة، وذلك كأن تقول لصائد متحفز: "غزال" وكأن تقول لواقف في طريق قطار مسرع - وهو غافل: "أقبل" تريد: القطار أقبل، فتحذف المسند إليه مخافة أن تفوت فرصة الإفلات من الخطر، فيدهمه القطار.

٦ - إيهام صون المسند إليه عن لسانك تعظيماً لشأنه، أو صون لسانك عن ذكره احتقاراً لشأنه، فالأول: نحو قولك: (ارفع راسة التوحيد، مقوض دعائم الشرك) وتقصد: النبي صلى الله عليه وسلم فتترك ذكره صوتاً له عن لسانك تعظيماً له، والثاني: نحو قولك: (مخذول مدحور) وتقصد: إبليس اللعين، فتحذفه صوناً للسانك عن ذكره، احتقاراً له.

٧ - تأتي الإنكار عند الحاجة إليه، ومثال ذلك: أن يحضر إليك جماعة من بينهم خصم لك، فتقول لآخر: (فاجر، فاسق) وأنت تقصد هذا الخصم ولكنك تترك ذكر اسمه، حتى يتسنى لك أن تنكر عند لومه لك على سبه.

٨ - قصد تعين المسند إليه: إما لأن المسند لا يصح إلا للمسند إليه، ومثاله قولك: (عالم الغيب والشهادة)، تريد الله - سبحانه وتعالى- فتحذفه لتعينه، إذ إن علم الغيب والشهادة خاص به تعالى.

وإما لأن المسند قد بلغ في المسند إليه مرتبة الكمال، ومثله قولك: (عادل في حكومته) وتريد: عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فتحذفه؛ لأن صفة العدالة بلغت فيه حد الكمال، وقولك: أمير الشعراء: وتقصد: (شوقي)، لأن إمارة الشعر قد لزمت له بإجماع شعراء عصره لبلوغها فيه حد الكمال، وإما لأن المسند إليه معهود بين المتكلم والمخاطب، كقولك: (حضر) تريد شخصاً معهوداً بينك وبين المخاطب.

<<  <   >  >>