للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن دخل في التفصيل شيء، كأن تريد أن هذا السواد صاف براق، والحمرة رقيقة ناصعة احتجت بقدر ذلك إلى إعمال المفكر، وذلك مثل تشبيه حمرة الخد بعمرة التفاح والورد.

فإن زاد تفصيله بخصوص تدق العبارة عنه ويتعرف بفضل تأمل ازداد الأمر قوة في الاحتياج إلى المفكر، وذلك نحو: تشبيه سقط النار بعين الديك في قوله:

وسقط كعين الديك عاورت صحبتى ... أبدها وهيأنا لموقعها وكراً

وذلك لأن ما في عينة من التفصيل والخصوص زائد على كون الحمرة رقيقة ناصعة، والسواد صافياً براقاً.

ولهذا كان قول الشاعر:

كأنَّ على أنيابها كلَّ سحرةٍ ... صياح البوازى من صريف اللوانك

ارفع طبقة من قوله:

كأن صليل المروحين تشذه ... ... صليل زيوف ينتقدن بعبقراً

لأن التفصيل والخصوص في صوت البازى أبين وأظهر منه في صليل الزيوف ... وهكذا.

[تفاوت التفصيل في وجه الشبة]

وإنما يفضل (حد التفصيليين الأخر بأن تكون قد نظرت في أحدهما إلى ثلاثة أشياء، أو ثلاث جهات، وفي الآخر إلى شيئين أو جهتين، ومثال ذلك قول بشار:

كأن مثار النقع فوق رؤوسنا ... وأسافنا ليل تهاوى كواكبه

مع قول أبى الطيب المتبني:

يزود الأعادى فى سماء عجاجةٍ ... أستنهُ في جانبيها الكواكب

أو قول عمرو بن كلثوم:

تبنى سنابكها من فوق أرؤسهم ... سقفاً كواكبه البيض المباتير

<<  <   >  >>