على أن الإبكار كالتقرير: يشترط فيه أن يلي المنكر الهمزة، وذلك كقوله تعالى:{أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ}[الأنعام: ٤٠] وقوله: {أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً}[الأنعام: ١٤] وقوله: {أَبَشَراً مِنَّا وَاحِداً نَتَّبِعُهُ}[القمر: ٢٤] وكقوله تعالى: {وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (٣١) أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ} [الزخرف: ٣١، ٣٢] وعد الزمخشري قول الله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}[يونس: ٩٩] وقوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ}[الزخرف: ٤٠] من هذا الضرب.
ومن مجيء الهمزة للإنكار قول الله تعالى:{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ}[الزمر: ٣٦].
وقول جرير:
ألستم خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح؟
فالمعنى: الله كافٍ عبده، وأنتم خير من ركب المطايا؛ وذلك لأن نفي النفي إثبات. وهكذا كل تركيب دخلت فيه الهمزة على فعل منفي؛ كما في قوله تعالى:{أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ}[الشرح: ١] و {أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً}[الشعراء: ١٨] و {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى}[الضحى: ٦] ويجوز -في رأي بعضهم- أن تكون الهمزة للتقرير بما دخله النفي؛ لا للتقرير بالانتفاء.
وإنكار الفعل مختص بصورة لا يلي الفعل فيها الهمزة؛ بل يليها معمول الفعل المنكر؛ وهي نحو قولك:(أمحمدًا قابلت أم محمودًا؟ ) لمن يدعي أنه قابل إما محمدًا وإما محمودًا، دون غيرهما؛ وذلك لأنه إذا لم يتعلق الفعل بأحدهما؛ والتقرير أنه لم يتعلق بغيرهما؛ فقد انتفى من أصله لا محالة، وعليه قول الله تعالى:{قُلْ أَالذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمْ الأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ}[الأنعام: ١٤٣] أخرج اللفظ مخرجه إذا كان قد ثبت تحريم في أحد الأشياء؛ ثم أريد معرفة عين المحرم مع أن المراد هو إنكار التحريم من أصله.
٨ - التهكم: ودلالتها عليه من إطلاق اسم الملزوم وإرادة اللازم؛ لأن الاستفهام عن الشيء يستلزم الجهل به وبفائدته، والجهل بذلك يستلزم التهكم به، ومنه قول