للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الماء، فدل ذلك على أن المراد بالطغيان ما يصح إسناده إلى الماء، وهو: لكثرة التي جاوزت لحد.

ومنه قول الشاعر يصف البحر وهو مزدان في فصل الربيع:

تبسم البحر من بعد العبوس فهل ... للبحر- أيضاً- مسرات وأحزان؟ !

فالتبسم بمعناه الحقيقي يستحيل صدوره من البحر، وذلك دليل على أن المراد بالتبسم هنا: ما يصح إسناده إلى البحر، وهو ما يكون على شاطئه من زينة في فصل الصيف.

ثانياً: نائب الفاعل: وذلك بان يكون إسناد الفعل غير صحيح، فيدل ذلك على أن المراد بالفعل معنى يناسب نائب الفاعل، كما في قوله تعالى: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ} [البقرة: ٦١]، فالضرب- وهو نصب الشيء- من شأن الخيام، لا من شأن الذلة والمسكنة، لأنهما أمران معنويان، فدل ذلك على أن المراد بالضرب معنى يناسبها، وهو "الحكم" ويكون المعنى حينئذ: حكم عليهم بالذلة والمسكنة.

ثالثاً: المفعول، وذلك بأن يكون تسلط الفعل أو ما يشتق منه على المفعول غير صحيح، فيدل ذلك على أن المراد بهما معنى يناسب المفعول، كما في قول عبد الله بن المعتز:

جمع الحق لنا في إمام ... قتل البخل وأحيا السماحا

فالقتل والإحياء لا يقعان إلا على ذي روح، والبخل والسماح ليسا من ذوي الأرواح، وهذا دليل على أن المراد بالقتل معنى يناسب البخل، وهو: الإزالة، كما أن المراد بالإحياء معنى يناسب الجود، وهو الإكثار، فكأنه قال أزال البخل، وأكثر السماح.

فالقرينة في الأول هي البخل، وفي الثاني هي: السماح.

وقد تكون القرينة في المفعول الثاني، كما في قول القطاعي:

تقريهمو لهذميات تقد بها ... ما كان خلط عليهم كل زراد

<<  <   >  >>