قد يأتي المسند إليه مخالفاً لمقتضى الظاهر، لنكتة بلاغية يقصدها البليغ، ويتمثل ذلك في موضعين:
الموضع الأول: وضع المضمر موضع المظهر، وله صورتان:
الصورة الأولى:"نعم" و"بئس" وذلك مثل قولك: "نعم رجلاً خالد"، "بئس صاحباً الكسل" فالمسند إليه ضمير مستتر في (نعم) و (بئس) مع أن شرط الإضمار هو: أن يتقدم للضمير مرجع، ولا مرجع هنا، فظاهر الحال - هنا- يقتضي أن يؤتي بالمسند اسماً ظاهراً، لفقدان شرط الإضمار؛ فيقال: نعم الرجل خالد، وبئس الصاحب الكسل، فالرجل فاعل نعم، والصاحب فاعل بئس، وكلاهما اسم ظاهر، ولكن خولف فيهما مقتضى الظاهر، موضع المظهر، لنكتة بلاغية هي الإيضاح بعد الإبهام، أو التفصيل بعد الإجمال، وهو الأنسب بمقام المدح والذم.
والصورة الأخرى: هي صورة ضمير الشأن، وذلك في قول الشاعر:
هي الحياة كما شاهدتها دول ... من سره زمن ساءته أزمان
فالمسند إليه ضمير الغائبة، والشرط في الإضمار، أن يتقدم المرجع ولا مرجع هنا، فكان مقتضى الظاهر أن يؤتي بالمسند إليه اسماً ظاهراً، لفقدان شرط الإضمار. فيقال: الشأن، أو القصة .. الخ، ولكن خولف مقتضى الظاهر، فوضع المضمر موضع المظهر للنكتة البلاغية التي عرفتها، وهي: الإيضاح بعد الإبهام، أو التفصيل بعد الإجمال.
[والموضع الثاني: هو وضع المظهر موضع المضمر]
وهذا المظهر الذي يوضع موضع المضمر: إما أن يكون اسم إشارة، وإما أن يكون غيره كأن يكون علماً، أو معرفاً بأل، أو بالإضافة، أو نحو ذلك.