للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكما في قول الله تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ) [النور: ٣٩] فقد شبه حال الكفار وهم يأتون أعمالاً يحسونها ذات أثر عند الله، فيخيبون فيما حسبوا، ويلقون آخر الأمر عكس ما قدروا جزاء كفرهم، شبه هذه الحال بحال ظامئ رأى سراباً فخاله ماء، وسعي إليه فلم يجد أمله، ووجد جحيماً وعذاباً أليماً.

ووجه الشبة بينهما هو: (حسبان الشيء غير المجدي مجدياً، مع الإخفاق في عاقبة الأمر) وهو أمر عقلي منتزع من عدة أمرر - كما ترى -

ومن هذا القبيل قول الشاعر:

والمستجير بعمرو عند كربته ... كالمستجير من الرمضاء بالنار

فقد شبه الشاعر حال من إصابته شدة فالتجأ إلى عمرو، ليحتمي به، فإذا عمرو أشد خطراً مما وقع فيه، بحال من لذعته الرمضاء فالتجأ إلى ما هو أشد لذعة وأتكي ألماً.

ووجه الشبة: هو الهيئة الحاصلة من الفرار من الضار إلى ما هو أشد منه ضرراً طمعاً في الانتفاع به، وهما عقليان - كما ترى -.

والمتعدد العقلي: كما في تشبيه رجل بآخر في عقلة وذكائه وبعد نظره، فوجه الشبة كل واحد من هذه الثلاثة، وثلاثتها مما لا يدرك إلا بالعقل.

والقسم الثالث: ما كان وجه الشبة فيه مختلف: بعضه حسي، وبعضه عقلي، كان تشبه رجلاً بآخر في ضخامته، وجسامته - وحلمة، وشهامته، فوجه الشبه مجموع هذه الأربعة، غير أن الأولين منها حسيان، والآخرين عقليان.

التمثيل وغير التمثيل:

وينقسم التشبيه باعتبار الوجه - أيضاً - إلى قسمين: تمثيل - وغير تمثيل -.

أ- فالتمثيل: ما كان وجه الشبة فيه هيئة منتزعة من أمرين أو أمور متعددة سواد أكان حسياً أو غير حسي.

فالتمثيل الحسي: ما سبق أن عرفته، من تشبيه مثار النفع من الأسياف بليل تتهاوى كواكبه، وتشبيه النجوم متلألئة منثورة في سماء زرقاء بدرر منثورة على بساط أزرق.

<<  <   >  >>