وكذلك الشأن في الصبر على شدائد الدنيا؛ فإن من تيقن زوال الأحداث والشدائد وبقاء العمر هان عليه صبره على المكروه؛ لوثوقه بالخلاص منه.
أما العطاء: فإن الباذل ماله إذا أيقن بالخلود وهو مع ذلك يسخو بماله ثبت له فضل الكرم؛ لاختصاصه بما لا يستطيعه كل أحد؛ لأن الخلود يوجب الحاجة إلى المال؛ فيندر في الناس من يوجد على هذه الحال؛ أما من أيقن أنه سيموت ويترك المال لغيره؛ استخف به وهان عليه بذله؛ فلا فضل فيه.
ولهذا: لم يستقم نظم (الندى) في سياق الحديث عن الشجاعة والصبر؛ وإذ هو حشو مفسد للمعنى.
ب- غير مفسد للمعنى: ومنه قول زهير بن أبي سلمى:
وأعلم علم اليوم والأمس قبله ... ولكنني عن علم ما فيد غد عم
والشاهد فيه قوله:(قبله) فهو حشو؛ ولكنه غير مفسد للمعنى؛ أما أنه حشو فلأنه زيادة متعينة لغير فائدة؛ لأن الأمس مفيد للقبلية؛ إذ هو اليوم الذي قبل يومك؛ وهو متعين للزيادة؛ لعدم صحة عطفه على اليوم؛ وأما أنه غير مفسد؛ فلأن المعنى لا يبطل يذكره.
ومنه قول الشاعر:
ذكرت أخي فعاودني ... ... صداع الرأس والوصب
فذكر (الرأس) مع الصداع حشو؛ لأن الصداع لا يكون إلا للرأس؛ ولكنه غير مفسد.
هذا وقد يحسن الحشو إذا تضمن نكتة لطيفة؛ كقول أبي الطيب:
وخفوق قلب لو رأيت لهيبه ... -يا جنتي- لرأيت فيه جهنماً!
إذ قوله:(يا جنتي) حشو غير أنه حسن بديع لمقابلته بقوله: (جهمنًا).
أنواع الإطناب: للإطناب عند البلاغيين أنواع مختلفة، منها:
(١) الإيضاح بعد الإبهام: وذلك ليبدو المعنى في صورتين مختلفتين: