والحق هو ما ذهب إليه الجمهور، لأنها على رأي الخطيب تخرج من المجاز اللغوي، لأنه هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له، وهو على رأي الخطيب: التشبيه المضمر في النفس، وهو فعل من أفعال المتكلم، كما أن إطلاق لفظ الاستعارة عليها خال من المناسبة- كما رأيت-.
قرينتها: قرينة المكنية هي: إثبات لازم المشبه به المحذوف، للمشبه المذكور، كإثبات الأظفار للمنية في بيت أبي ذؤيب، فهذا الإثبات دليل على أن الكلام استعارة بالكناية، وهو عند البلاغيين يسمى:"استعارة تخييلية".
إما أنه "استعارة": فلأن اللازم المذكور- وهو الأمر المختص بالمشبه به- استعير للمشبه، واستعمل معه.
وإما أن هذه الاستعارة "تخييلية": فلأن ذلك اللازم لما نقل واستعمل مع المشبه خيل للسامع أن المشبه مع جنس المشبه به.
[ومن هنا يتبين لك أمران]
أولهما: أن قرينة المكنية: "استعارة تخييلية"- دائماً- عند الجمهور، لأنها عندهم:
إثبات لازم المشبه به للمشبه وأنهما متلازمان، فلا توجد إحداهما بدون الأخرى.
ثانيهما: أن طرفي الاستعارة التخييلية مستعملان في معنييهما الحقيقيين، فالأظفار، والمنية في بيت أبي ذؤيب- مثلاً- كل منهما مستعمل في المعنى الموضوع له، والتجوز إنما هو في إثبات الأظفار للمنية.