أي: إذا جاء الأجل، فلا رد لقضاء الله، ولن تجدي التمائم والرقي في دفعه، فقد شبه المنية بالسبع في اغتيال النفوس من غير تمييز بين نافع وضار، ثم استعار في نفسه لفظ السبع للمنية بعد تناسي التشبيه وادعاء دخول المشبه في جنس المشبه به، ثم قدر حذفه دالاً عليه بذكر بعض خواصه.
أي: إذا نطقت بلساني مفصحاً عن شكر برك، فلسان حالي أنطق بالشكاية منك؛ لأن ضررك أكثر من نفعك!
فقد شبه حاله بإنسان متكلم في الدلالة على المقصودة، ثم استعار الإنسان للحال، ثم حذفه ودل عليه بإثبات لازمه- وهو اللسان- وأثبت للحال على سبيل الاستعارة المكنية، وكقول محمد غنيم- في قصيدته:"على سطح القمر":
مضى عهد البخار فبات يبكي ... على أطلال دولته البخار
فقد شبه البخار بملك مخلوع، ثم استعاره للبخار، ثم حذفه ودل عليه بإثبات لازمه، وهو البكاء على أطلال دولته، وأثبت للبخار على سبيل الاستعارة المكنية ففي الأمثلة الثلاثة السابقة حذف لفظ المشبه به، وكنى بذكر لازمه، ثم أثبت هذا اللازم للمشبه المذكور، وما كان كذلك فهو استعارة مكنية، فالمذكور- دائماً- في المكنية من الطرفين هو: المشبه، والدليل على التشبيه: هو إثبات اللازم للمشبه.
أما الخطيب القزويني، فله رأي آخر في تعريفها فقد ذهب إلى أنها: التشبيه المضمر في النفس المدلول عليه بإثبات لازم المشبه به للمشبه، كما في قول أبي ذؤيب الهذلي الذي لأسلفناه لك، وتقول في إجرائها على هذا الرأي: شبهت المنية بالسبع تشبيهاً مضمراً في النفس، بجامع الاغتيال في كل، ثم تنوسي التشبيه، وادعى أن المشبه فرد من أفراد المشبه به، ثم أثبت لازم المشبه به- وهو "الأظفار" للمشبه على سبيل الاستعارة المكنية، وعلى هذا فإطلاق لفظ الاستعارة- على هذا الرأي- إنما هو مجرد تسمية خالية من المناسبة.