للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على كمال هداية الكتاب الكريم، وأناه بلغت مبلغاً لا يدرك مداه، ولهذا أكد التفخيم بأن جعل "هدى" مصدراً مخبراً به عن الكتاب، أي أن الكتاب هو الهداية نفسها.

جـ- تحقير المسند، وذلك كما في قول قيس بن جروة يخاطب عمرو بن هند، وكان قد نقض عهداً بينه وبين طيئ:

غدرت بأمر كنت أنت دعوتنا ... إليه وبئس الشيمة الغدر بالعهد

وقد يترك الغدر الفتى وطعامه ... إذا هو أمسى - حلبة من دم الفصد

يقول: لقد غدرت بعهد كنت أنت الذي دعا إليه، ؟ ؟ ؟ - لعمري- شيمة الغدر بالعهد من شيمة، فقد يترفع عنها أفقر الناس، وأقلهم شأناً، فكيف يغدر بالعهد ملك عظيم كعمرو بن هند؟ !

والشاهد هنا تنكير (حلبة) التي وقعت خبراً عن (طعامه) لبيان أنه شيء تافه وحقير.

هذا إلى ما تفيده صيغة (فعلة) الدالة على المرة من إفادة معنى القلة.

[٥ - تقديم المسند]

من أغراض تقديم المسند ما يلي:

أ- قصر المسند إليه على المسند، كقولك: (مسلم أنا) فتقديم المسند هنا قد أفاد قصر المتكلم على الإسلام، لا يتعداه إلى النصرانية، فيكون قصراً إضافياً أو لا يتعداه إلى غيره من سائر الصفات فيكون قصراً حقيقياً ادعائياً.

ومنه قول الله تعالى: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} [الكافرون: ٦]، أي: أن دينكم مقصور عليكم لا يتجاوزكم إلي، وديني مقصور علي، لا يتجاوزني إليكم، فالقصر هنا إضافي في الوضعين.

ومنه قول أبي تمام يمدح محمد بن عبد الملك الزيات:

لك القلم الذي بشبأته ... يصاب الأمر الكلي والمفاصل

والشاهد في البيت هو أن الشاعر قدم المسند في قوله: (لك القلم) لإفادة معنى القصر، أي: إن القلم الموصوف بتلك الصفات لك لا لغيرك.

<<  <   >  >>