فقد شبه كافور بالبحر، ثم استعار له، وهو اسم جنس- كما ترى- وقد يتأول في اسم العلم المشهور بوصف، فيستعار اسم جنس تأويلاً، كما في قولك:"رأيت اليوم حاتماً" تقصد: رجلاً كريماً، فلفظ "حاتم" علم ذات معروفة ولكن تؤول فيه، فجعل اسم جنس موضوعاً لمطلق ذات متصفة بالجود، ومن هنا صح جعله استعارة لكل جواد، بادعاء دخوله في جنس "حاتم" واعتباره فرداً من أفراده.
وإجراء الاستعارة فيه أن تقول: شبه فلان بالرجل الكريم بجامع الجود في كل منهما ثم تنوسي التشبيه، وادعى أن المشبه أحد أفراد حاتم باعتبار مفهومه الكلي التأويلي ثم استعير اسم المشبه به للمشبه استعارة تصريحية أصلية، لأن اللفظ المستعار وهو "حاتم" اسم جنس تأويلاً.
[والاستعارة التبعية]
هي ما كان اللفظ المستعار فيها فعلاً أو اسماً مشتقاً أو حرفاً:
فأما الاستعارة في الفعل: فهي إما أن تكون في الفعل باعتبار مادته، وإما أن تكون باعتبار صيغته.
فمثال الاستعارة في الفعل باعتبار مادته: قول الله تعالى: {يُحْيِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا}[الحديد: ١٧] فقد شبه تزيين الأرض بالنبات بالإحياء، في الحسن والنفع، ثم استعير الإحياء للتزيين، فصار الإحياء بمعنى التزيين، ثم اشتق من الإحياء بهذا المعنى:"يحيى" بمعنى: يزين، على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية، ومنه قول أبي الطيب المتنبي:
وتحيي له المال الصوارم والقنا ... ويقتل ما تحيي التبسم والجدا
فقد شبه جمع المال بالصوارم والقنا بالإحياء، بجامع عموم النفع في كل منهما ثم تنوسي التشبيه، وادعى أن المشبه- وهو جمع المال- فرد من أفراد المشبه به- وهو الإحياء- وداخل في جنسه، ثم استعير الإحياء لجمع المال بالصوارم والقنا، ثم اشتق منه:"تحيي" بمعنى تجمع له المال، على سبيل الاستعارة التصريحية التبعية.