ما سيحصل -وهو مفاد الجملة الفعلية- في صورة الحاصل الثابت- وهو مفاد الجملة الاسمية- وذلك أدل على كمال العناية به من إبقائه على أصله.
وأيضًا: فإن القول الكريم -في الآية السابقة- أدل على طلب الشكر من قولنا:(أفانتم شاكرون؟ ) ومن: (أفأنتم تشكرون؟ ) ومن: (أفتشكرون؟ )؛ وذلك لأن (هل) للفعل أدعى من الهمزة وألزم له منها، فتركه معها أدلة على كمال العناية بحصوله من تركه مع الهمزة؛ لأن الهمزة ليس لها مزيد تعلق بالفعل؛ ولهذا لم يحسن أن يقال:(هل هشام معتزم بزيارتك؟ ) إلا من البليغ؛ لأنه هو الذي يراعي النكت البلاغية ويأتي بالكلام على مقتضى المقام.
(وهل) قسمان: بسيطة ومركبة:
فالبسيطة: هي التي يستفهم بها عن وجود الشيء أو عدم وجوده؛ كقولك:(هل علاء موجود؟ ) على معنى: هل هو متحقق في الخارج؟ أو (هل هو غير موجود؟ ) على معنى: هل هو غير متحقق في الخارج؟ أو (هل هو غير موجود؟ ) على معنى: هل هو غير متحقق في الخارج؟ بأن كان أمرًا اعتباريًا وهميًا، ومثله قولهم:(هل العنقاء موجودة؟ )، أو (هل هي غير موجودة؟ ).
والمركبة: هي التي يستفهم بها عن وجود شيء لشيء أو عدم وجوده له؛ ومثله قوله: " (هل خالد كريم أو غير كريم؟ )؛ فالمطلوب هنا هو: وجود الكرم لخالد أو عدم وجوده.
وأما بقية أدوات الاستفهام: فإن المطلوب بها هو: التصوير فقط، بيد أنها تختلف من جهة أن المطلوب بكل أداة هو تصور شيء غير المطلوب تصوره بأداة أخرى.
أ- (ما): ويطلب بها أمران:
الأول: شرح الاسم: أي بيان مدلوله الإجمالي الذي يعرف منه حقيقته؛ كأن يقال:(ما المسجد؟ ) فيجاب: (ذهب)؛ وكأن يقال:(ما الإنسان؟ ! ) فيجاب: (بشر).
الثاني: حقيقته المسمى وماهيته؛ كأن يقال:(ما الإنسان؟ ) فيجاب: (حيوان ناطق) على أن السؤال (بهل) البسيطة يقع في الترتيب بين السؤال (بما) التي لشرح الاسم؛ والتي لطلب الماهية.