بهذا الإيماء إلى التعريض بتعظيم شأن بيته وتفخيمه، لأنه من صنع من رفع السماء.
ومما فيه تعريض بالتهوين من شأن الخبر قولك: إن الذي لا يعرف الفقه قد صنف فيه، وإن الذي لا يحسن فرض الشعر قد أنشأ قصيدة:
ب- وقد يجعل الإيماء إلى نوع الخبر ذريعة إلى تعظيم غير الخبر، وذلك كما في قول الله تعالى:{الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُوا شُعَيْباً كَانُوا هُمُ الْخَاسِرِينَ}[الأعراف: ٩٢] فالصلة وهي تكذيبهم شعيباً قد أومأت إلى نوع الخبر، وهو الخسران، ولكنه لم يقصد إلى هذا، وإنما قصد من وراء هذا الإيماء إلى تعظيم شأن شعيب عليه السلام.
وقد يجعل ذريعة إلى تحقيره، كما في قولك:(إن الذي يتبع الشيطان خاسر) فالصلة - وهي اتباع الشيطان- قد أومأت إلى نوع الخبر، وهو الخسران، ولكنك لم تقصد إلى هذا، وإنما قصدت تحقير الشيطان نفسه.
جـ- وقد يجعل الإيماء إلى نوع الخبر ذريعة إلى تحقيقه، كما في قول عبدة بن الطبيب - وقد يئس من صاحبته خولة بعد مهاجرتها، وحلولها بالكوفة مجاورة أهل المدائن-:
إن التي ضربت بيتاً مهاجرةً ... بكوفة الجند غالت ودها غول
والشاهد في قوله:"إن التي ضربت بيتاً مهاجرة" ففي هذه الصلة إيماء إلى أن الخبر من نوع زوال المحبة وانقطاع حبل المودة، ولأنها لو كانت باقية على حبه لما هاجرت عنه، ولما بنت بيتاً في دار هجرتها لتقيم فيه إقامة دائمة.
[تعريف المسند إليه باسم الإشارة]
ذكر البلاغيون لتعريف المسند إليه باسم الإشارة الأغراض التالية:
١ - تمييز المسند إليه أكمل تمييز، لصحة إحضاره في ذهن السامع بواسطة الإشارة إليه حساً.
والسر في أن تمييز المسند إليه أكمل تمييز لا يتم إلا باسم الإشارة هو: أنك إذا أشرت إلى شيء فكان هذا الشيء - وإن كان معنى من المعاني- موجود أمامك