إذا كان المخاطب يعرف أن هناك شاعراً معروفاً، ثم عرف شخصاً معيناً يسمى علياً، ولكن لا يدري أن ذلك الشاعر هذا الشخص، فتقول له حينئذ: الشاعر عليّ، أي الشاعر المعروف هو عليّ.
وعن هذا الأصل فرع البلاغيون لتعريف المسند الأغراض التالية:
[أ- قصر المسند على المسند إليه حقيقة أو ادعاء]
فمثال قصر المسند على المسند إليه حقيقة قولك: على الشاعر، إذا لم يكن ثمة شاعر سواه.
ومثال قصر المسند على المسند إليه ادعاء لقصد المبالغة قولك: زيد الكريم، وعمرو العالم، فتفيد قصر جنس الكرم زيد، وقصر جنس العلم على عمرو، وأنت لا تقصد القصر الحقيقي، وإنما تقصد المبالغة في وصف زيد بالكرم ووصف عمرو بالعلم، فتخيل بهذا قصر هاتين الصفتين على زيد بالكرم ووصف عمرو بالعلم، فتخيل بهذا قصر هاتين الصفتين على زيد وعمرو قصداً للمبالغة وأنك لم تعتد بهاتين الصفتين في غيرهما.
ومنه قول أبي الطيب المتنبي يمدح سيف الدولة الحمداني:
وما الدهر إلا من رواة قصائدي ... إذا قلت شعراً أصبح الدهر منشدا
فسار به من لا يسير مشمراً ... وغنى به من لا يغني مغردا
أجزني إذا أنشدت شعراً فإنما ... بشعري أتاك المادحون مرددا
ودع كل صوت غير صوتي فإنني ... أنا الصائح المحكي والآخر الصدى!
والشاهد في الأبيات قوله: (أنا الصائح المحكي) حيث قصر المسند المعروف "بأل" على المسند إليه، لقصد المبالغة.
ب- تقرير المسند للمسند إليه، وأن ثبوته له أمر ظاهر ومعروف لا يشك فيه أحد، وذلك كما في قول الخنساء ترثى أخاها صخراً"
إذا قبح البكاء على قتيل ... رأيت بكاءك الحسن الجميلا
فالخنساء لم ترد أن تقصر صفة الحسن على بكاء أخيها، ولكنها أرادت أن تقرر للبكاء عليه جنس الحسن الظاهر الذي لا ينكره أحد، ولا يشك فيه شاك.