حاجة إليها، وما إن رجوها أن تمطرهم حتى انقشعت عنهم وذهبت وتركتهم في حيرة ويأس
فالوجه منتزع من أمرين متصلين هما: ابتداء مطمع، وانتهاء مؤيس، وقد تضمن الشطر الأول الأمر الأول، إذ منعاه: أن الغمامة ظهرت لقوم يرجون الماء لشدة احتياجهم إليه، فقد أطمعتهم أول الأمر، إذ عرضت لهم.
وتضمن الشطر الثاني الأمر الثاني، إذ معناه: أن الغمامة قد خذلتهم وتولت عنهم وتركتهم في حياة ويأس، فالشطر الأول قد تضمن ابتداء مُطمعاً، والشطر الثاني تضمن انتهاء مؤيساً.
ولهذا فإنه لا يمكن انتزاع وجه الشبه من الشطر الأول فقط، لأن الوجه - كما سبق - مركب من الأمرين جميعاً، ولو اقتصر على الشطر الأول لما صلح التشبيه لأنه لم يف بالمعنى المقصود.
أما في التشبيه المتعدد فإنه لا يصح لك أن تقتصر على شيء واحد - في وجه الشبة - من الأمور المتعددة فيه، كما سبق أن عرفت في تشبيه فاكهة بأخرى في الطعم والرائحة واللون - كما أنه يصح لك أن تحذف أحدها - فلو حذفت لظل الباقي على ما هو علية في إفادة معناه.
[ج- حسية الوجه أو عقليته]
[والتنبيه بهذا الاعتبار ينقسم إلى ثلاثة أقسام]
القسم الأول: ما كان وجه الشبة فيه حسياً، أي مدركا بالحس الظاهر، سواء أكان منفرداً، أو مركباً، أو متعدداً.
فالمفرد الحسي: كالحمرة في قولك: (خد ًّكالورد) وكالنعومة، كما في قول الشاعر:
لها بشر مثل الحرير ومنطق ... رخيم الحواشي لا هراء ولا هزر