ومثال الثالث: قوله تعالى: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}[المائدة: ٥٤] فقوله: {أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ} أي: أشداء أقوياء عليهم، تكميل دفع به توهم أن وصفهم بالذلة لضعفهم وهوانهم؛ لأن المتذلل من شأنه أن يكن ضعيفًا مهينًا، ومنه قول عنترة:
أثنى على بما علمت فإنني ... سمح مخالفتي إذا لم أظلم
فقوله:(إذا لم أظلم) احتراس دل به على أنه قد يخالف، فيرجع إلى الحق راضيًا، ولكنه لا يقبل الظلم.
(٨) التتميم: وهو: أن يؤتي- في كلام لا يوهم خلاف المقصود- بفضله، كمفعول أو حال، أو تمييز، أو جار ومجرور، أو نحو ذلك لفائدة.
وذلك كالمبالغة في المدح في قوله تعالى:{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا}[الإنسان: ٨]- على أن يكون الضمير في (حبه) عائدًا على الطعام- أي: يطعمونه مع حبهم له واشتهائهم إياه، لاحتياجهم إليه، وذلك أبلغ في المدح بالكرم مما لو كان عن غنى.
ومنه قول زهير:
من يلق يومًا- على علاته- هرمًا ... يلقى السماحة منه والندى خلقًا
فقوله:(على علانه) أي: على أي حال من غنى أو فقر، تتميم جميل.
(٩) الاعتراض: وهو: (أن يؤتي في أثناء الكلام أو بين كلامين متصلين في المعنى بجملة أو أكثر لا محل لها من الإعراب لفائدة سوى دفع الإبهام)
(أ) كالتنزيه في قوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ} فجملة: {سُبْحَانَهُ}[النحل: ٥٧] معترضة، للمبادرة إلى تنزيه الله تعالى عما يجعلون له من البنات.
(ب) وكالدعاء: كما في قول الشاعر:
إن الثمانين- وبلغتها- ... قد أحوجت سمعى إلى ترجمان