فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آَخَرِينَ} [الأنعام: ٦]، فالأنهار اسم لمكان جريان الماء، فالأنهار لا تجري في الحقيقة، ولكن تجري المياه فيها، فإسناد الجريان إلى الأنهار مجاز عقلي علاقته المكانية.
٦ - السببية: وهي أن يسند الفعل إلى سببه، ومن أمثلتهم لهذه العلاقة قولهم:(محبتك جاءت بي إليك) فالمحبة لم تجيء بك وإنما أنت الذي جئت بسبب هذه المحبة، فأسناد المجيء إلى المحبة مجاز عقلي علاقته السببية.
قال الله تعالى:{إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}[القصص: ٤] فأسند التذبيح إلى فرعون، وليس فاعلاً حقيقاً له، وإنما هو آمر فقط بالتذبيح، فهو سبب فيه، ولهذا فإن الإسناد مجاز عقلي علاقته السببية.
ومنه قول أبي الطيب المتنبي:
وتحيي له المال الصوارم والقنا ... ويقتل ما تحيي التبسم والجدا
لما كانت الصوارم والقنا سبباً في إحياء المال (بمعنى جمعه) وكان التبسم والجدا سبباً في قتله (بمعنى إنفاقه على العافين) جاز أن بسند الإحياء إلى الصوارم والقنا، وأن يسند القتل إلى التبسم والجدا، على سبيل المجاز العقلي لعلاقة السببية.