للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - حسن التعليل للوصف غير الثابت الذي أريد إثباته وكان غير ممكن، ومثاله قول عبد القاهرة الجرجاني في معنى بيت فارسي:

لو لم تكن نية الجوزاء خدمته ... لما رأيت عليها عقد منتطق

فنية الجوزاء خدمة الممدوح صفة غير ثابتة، وممتنعة؛ لأن النية إنما تكون ممكن يعقل؛ ولكنه ادعى ثبوتها بأنها منتطقة؛ أي: قد شدت النطاق في وسطها شأن الخدم عادة.

[ما يلحق بحسن التعليل]

إذا كانت العلة التي يوردها الشاعر أو الأديب مبنية على الشك لا على الإدعاء والإصرار لم تكن العلة من حسن التعليل؛ وإنما تكون ملحقة به، مثال ذلك قول أبي تمام:

ربا شفعت ريح الصبا لرياضها ... إلى المزن حتى جادها وهو هامع

كأن السحاب الغر غيبن تحتها ... حببيًا فما ترقى لهن مدامع!

يقول أبو تمام: إن ريح الصبا قد شفعت لرياض الربا عند السحاب؛ فأمطرت السحاب الرياض- بسبب هذه الشفاعة- أمطارًا غزيرة حتى كأن السحاب قد غيبت حبيبًا تحت ثري هذه الرياض، ولهذا فإنها ما تنفك تبكيه، ولا ينقطع لها دمع عليه.

فقد علل الشاعر إمطار السحاب بما ذكر، ولكنه قد بنى هذا التعليل على الشك بلفظة (كأن) لأنها تفيد الشك، ولهذا لم يكن من حسن التعليل وإنما هو ملحق به.

[تأكيد المدح بما يشبه الذم]

هو: (أن يبالغ المتكلم في المدح، فيعمد إلى الإتيان بعبارة يتوهم السامع منها في بادئ الأمر أنه ذم، فإذا هو مدح مؤكد).

وهو على ثلاثة أضرب:

الضرب الأول:

وهو أفضلها (أن يستثنى من صفة ذم منقية عن الشيء صفة مدح بتقدير دخولها فيها) وذلك كقول النابغة الذبياني:

<<  <   >  >>