اللهذميات بمعنى الطعنات، فدل ذلك على أن المراد بالقرى: معنى يناسب هذه الطعنات، وهو تقديمها إلى الأعداء عند اللقاء.
وقد تكون القرينة في المفعولين معاً، كما في قول الحريري:
وأقرى المسامع إما نطقت ... بياناً يقود الحرون الشموسا
والشاهد هنا قوله:"وأقرى المسامع بياناً" فأقرى: استعارة تبعية في الفعل؛ وقرينتهما: تعلق القرى بكل من: المسامع والبيان، وذلك دليل على أن المراد بالقرى: معنى يناسبهما، وهو: التقديم.
رابعاً: المجرور: وذلك بأن يكون تعلق الفعل بالمجرور غير مناسب، فيدل ذلك على أن المراد به معنى يناسب ذلك المجرور، كما ترى في قوله تعالى (فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)[آل عمران: ٢١] وذلك لأن التبشير هو: إخبار بما يسر تعلقه بالعذاب، وذلك دليل على أن المراد بالتبشير معنى يناسب العذاب وهو الإنذار، أي: الإخبار بما يحزن ففي قوله تعالى "فبشرهم" استعارة تبعية قرينتها: مجرور الحرف.
[٢ - تقسيم التصريحية باعتبار الملائم]
للاستعارة التصريحية باعتبار ذكر الملائم لأحد الطرفين أو عدم ذكره أقسام ثلاثة هي: المرشحة، والمجردة، والمطلقة.
فأما المرشحة فهي: ما ذكر معها ما يلائم المستعار منه، أي المشبه به، سواء أكان الملائم صفة نحوية كما في قولك: "سلمت على أسد حاد الأنياب متنفش اللبدة: فقد استعرت هنا الأسد للرجل الجريء، ثم وصفت المستعار منه، بما يلائمه من حدة الأنياب، وانتفاش اللبدة، ترشيحاً للاستعارة، أو كان الملائم صفة معنوية، كما في قول الشاعر:
ينازعني ردائي عبد عمرو ... ... رويدك يا أخا عمرو بن بكر
لي الشطر الذي ملكت يميني ... ودونك فاعتجر منه بشطر
فقد استعار الرداء للسيف، ثم وصف الرداء - وهو المستعار منه - بما يلائمه من الاعتجار، وهو: لف الرأس بنحو ثوب ترشيحاً للاستعارة.