(ي) التمني: وذلك في مقام طلب شيء محبوب لا قدرة للطالب عليه واستعمال صيغة الأمر في التمني مجاز علاقته التضاد؛ وقيل: العلاقة بين الأمر والتمني: السببية؛ لأن طلب الشيء الذي لا إمكان في حصوله سبب في تمنيه.
ومنه قوله تعالى:{يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي}[هود: ٤٤]؛ فليس الغرض هو طلب بلع الماء من الأرض، ولا طلب الإقلاع من السماء؛ لأنهما لا يخاطبان؛ فالغرض هو: التمني.
ومنه قول امرئ القيس:
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلى ... بصبحٍ، وما الإصباح منك بأمثل
فليس المقصود هو: طلب الانجلاء من الليل؛ لأنه ليس مما يخاطر ويؤمر فحصول الانجلاء -كما طلب- متعذر؛ وإنما المقصود هو تمني ذلك تخلصًا مما يعانيه من تباريح الشوق.
(ز) الدعاء: وذلك في مقام طلب الفعل على سبيل التضرع؛ نحو قول الله تعالى:{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ}[نوح: ٢٨] وقوله تعالى: {أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ}[النمل: ١٩] والعلاقة بين الأمر والدعاء: هي الإطلاق والتقييد لأن الأمر: طلب على وجه الاستعلاء فأطلق عن قيده؛ ثم أريد منه: الطلب على وجه التضرع، وهو معنى الدعاء.
(س) الالتماس: وذلك في مقام طلب الفعل على سبيل التلطف؛ وذلك كقولك لمن يساويك رتبة -ولو في زعمك-: (افعل كذا)؛ دون تضرع أو استعلاء؛ والعلاقة بين الأمر والالتماس هي: الإطلاق والتقييد كذلك.
هذا، وهناك كثير من المعاني المجازية لصيغة الأمر؛ كالامتنان في قوله تعالى:{فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمْ اللَّهُ}[النحل: ١١٤]؛ وكالإكرام في قوله تعالى:{ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ}[الحجر: ٤٦]؛ والتعجب في قوله تعالى:{انظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الأَمْثَالَ}[الإسراء: ٤٨]؛ وكالدوام في قوله تعالى:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}[الفاتحة: ٦] وكالاعتبار في قوله تعالى: {انظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ}[الأنعام: ٩٩]؛ وكالإذن في قولك: لمن طرق الباب- (ادخل).