ولهذا عدل في التنزيل إلى قوله تعالى:{فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ}[القصص: ٣٨] لسخافة لفظ "الطوب" وما رادفه.
ولاستثقال جمع الأرض لم تجمع في القرآن الكريم. وجمعت السماء، وحيث أريد جمعها قال تعالى:{وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ}[القصص: ٣٨].
٣ - وأما المخالفة: فهي أن تكون الكلمة جارية على خلاف القانون المستنبط من لغة العرب، كوجوب الإعلال في نحو (تام) والإدغام في نحو (مد) ومنها قول الشاعر:
الحمد لله العلى الأجلل ... الواسع الفضل الوهوب المجزل
وكأن تكون الكلمة غير جارية على العرف الصحيح، بأن تكون الكلمة مستعملة في غير ما وضعت له في عرف اللغة، ولم يقصد بها المجاز، كاستعمال كلمة "الأيم" بمعنى الثيب في قول البحتري:
تشق عليه الريح كل عشية ... جيوب الغمام بين بكر وأيم
فقد وضع الأيم في مقابلة البكر، والأيم في اللغة تطلق على المرأة التي لا زوج لها؛ بكراً كانت أو ثيباً.
وقيل: فصاحة المفرد: خلوصه مما ذكر ومن الكراهة في السمع، بأن يتبرأ السمع من سماعه كما يتبرأ من سماع الأصوات المنكرة، لأن اللفظ من قبيل الأصوات، والأصوات منها ما تستلذ النفس سماعه، ومنها ما تستكرهه، وذلك نحو "الجرشى" - في قول أبي الطيب المتنبي يمدح سيف الدولة أبا الحسن-:
وما قست كل ملوك البلاد ... فدع ذكر بعض بمن في حلب
ولو كنت سميتهم باسمه ... لكان الحديد وكانوا الخشب
أفي الرأي يسبه، أم في السخا ... ء أم في الشجاعة أم في الأدب؟ !