لدي أسد شاكي السلاح مقذف ... له البد أظفاره لم تلقم
فقد استعار "الأسد" للرجل الجريء، وقوله "لدي أسد" قرينة الاستعارة، أما قوله:"شاكي السلاح" فهو: تجريد، لملاءمته للمستعار له، وأما قوله:"له البد" وقوله "أظفاره لم تقلم" فترشيح ملائمتها للمستعار منه.
وأما المطلقة فهي: ما لم يذكر معها ما يلائم شيئاً من ملائمات الطرفين، كما في قولك:"رأيت بحراً يشرح القرآن الكريم" تريد: عالماً واسع العلم، فقد استعرت "البحر" للعالم وقولك: "يشرح القرآن الكريم" قرينة للاستعارة، وإنما سميت مطلقة لأنها أطلقت عن التقييد بما يلائم أحد الطرفين.
وقد اعتبر البلاغيون ما اجتمع في الترشيح والتجريد من قبيل الاستعارة المطلقة، لأن الترشيح والتجريد إذا اجتمعا تعارضا، فتساقطا، فكأنك لم ترشح ولم تجرد.
[أي الاستعارات الثلاث أبلغ؟]
لما كان مبنى الاستعارة على تناسي التشبيه وادعاء أن المشبه هو عين المشبه به، وكان الترشيح إمعاناً في هذا التناسي، وغلوا في دعوى هذا الاتحاد، حتى كأن ليس هناك استعارة، بل ولا تشبيه كانت الاستعارة المرشحة أبلغ الاستعارات الثلاثة.
ولما كانت المطلقة خالية مما يقوي تناسي التشبيه ويدعم دعوى الاتحاد، وليس فيها - أيضاً - ما ينافيها كانت خليقة بأن تكون في المرتبة الوسطى بين الاستعارتين المرشحة والمجردة، وعلى هذا فالاستعارة المجردة تجيء في المرتبة الدنيا من هذه الاستعارات الثلاث لأنها قد اشتملت على ما يلائم المشبه، وهو ما يتعارض مع ما تقتضيه الاستعارة من تناسي التشبيه ودعوى الاتحاد.
[الاستعارة المكنية]
عرفت - مما أسلفنا لك - أن الاستعارة تنقسم باعتبار ذكر أحد طرفيها إلى تصريحية ومكنية، وقد عرفت الاستعارة التصريحية، فإليك الحديث عن الاستعارة المكنية