والنوع الثاني: ما كان الموبخ عليه فيه واقعًا في الحال، أو بصدد الوقوع في المستقبل؛ كقولك:(أتعصي ربك؟ ) لمن يرتكب منكرًا، أو لمن هم به ولم يقع منه، على معنى: لا ينبغي أن يحدث منك، أو أن يصدر عنك في المستقبل وكقولك -لمن يخاطر بنفسه-: (أتخرج في هذا الوقت؟ ).
والغرض من ذلك كله: تنبيه المخاطب حتى يرجع إلى نفسه فيخجل أو يرتدع عن فعلٍ هم به.
ومنه قول أمير الشعراء:
إلا الخلف بينكم إلا ما؟ ... وهذي الضجة الكبرى علاما؟
[والتكذيبي نوعان]
النوع الأول: ما كان الفعل المكذب فيه الماضي؛ ويكون معناه:
(لم يكن)، وذلك كقوله تعالى:{أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنْ الْمَلائِكَةِ إِنَاثاً}[الإسراء: ٤٠]؛ فهو خطاب لمن اعتقد أن الملائكة بنات الله، وأن الله تعالى قد خصهم بالذكور، وخص نفسه بالبنات؛ أي: لم يكن ذلك بل أنتم كاذبون فيما ادعيتم.
ومثله قول الله تعالى:{أَاصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ}[الصافات: ١٥٣] فالمعنى على التكذيب لا على التوبيخ.
والنوع الثاني: ما كان الفعل المكذب فيه في المستقبل، ويكون معناه:(لا يكون) وذلك نحو قول الله تعالى: {أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ}[هود: ٢٨]؛ أي: أنكرهكم على قبول الحجة ونقسركم على الاهتداء بها وأنتم كارهون؟ يعني: لا يكون هذا الإلزام؛ بل الذي أنا منوط به: هو الإبلاغ لا الإكراه، وعليه قول امرئ القيس: