ومثال المتفقين إنشاء معنى فقط قولك:(اذهب إلى فلان وتقول له كذا) أي: اذهب إلى فلان وقل له كذا، فالجملة الأولى وهي:(اذهب) إنشائية لفظًا ومعنى، والجملة الثانية، -وهي:(تقول) - خبرية لفظًا، إنشائية معنى.
والمراد بالتناسب بين الجملتين: أن يكون بينهما رابطة تجمع بينهما كالموافقة في نحو: (يقرأ، ويكتب) وكالتضاد في نحو (يضحك، ويبكي).
وإنما كان التضاد في حكم الموافقة؛ لأن الذهن يتصور أحد الضدين عند تصور الآخر، كالعلم فإنه يخطر على البال عند ذكر الجهل، كما تخطر الكتابة عند ذكر القراءة.
والتناسب بين الجملتين يجب أن يكون باعتبار المسند إليهما والمسندين جميعًا، فلا يقال:(عصام قادم، والبعير ذاهب) لعدم التناسب بين المسند إليهما: (عصام) و (البعير) كما لا يقال: (وائل عالم وعصام قصير) لعدم التناسب بين المسندين (عالم) و (قصير).
(٣) أن يكون للجملة الأولى محل من الإعراب وقصد إشراك الجملة الثانية لها في الحكم الإعرابي، ولا مانع من هذا الإشراك نحو قول أبي العلاء المعري:
وحب العيش أعبد كل حر ... وعلم ساغبا أكل المرار
فجملة:(أعبد كل حر) لها محل من الإعراب؛ لأنها خبر للمبتدأ قبلها وقصد القائل إشراك جملة (علم ساغبًا أكل المرار) لها في هذا الحكم الإعرابي ولا مانع من ذلك.
ومنه قول أبي الطيب المتنبي:
وللسر مني موضعٌ لا يناله ... نديم ولا يفضى إليه شراب
فجملة:(لا يناله نديم) لها موضع من الإعراب؛ لأنها صفة للنكرة قبلها وقصد القائل إشراك جملة (ولا يقضي إليه شراب) لها في هذا الحكم الإعرابي ولا مانع من ذلك.