علمت أن طرق القصر الأربع وهي (العطف، والنفي والاستثناء، وإنما، والتقديم) تشترك جميعها في إفادة القصر، بيد أنها تختلف من وجوه عدة، فلكل طريقة خاصية تتميز بها من بين الطرق الأخرى ولا تشترك فيها.
فالطريق الأول - وهو العطف- يتميز من بين الطرق الأخرى بأن الأصل فيه هو: النص على المثبت والمنفي، أما الطرق الثلاثة الباقية فإن الأصل فيها هو النص على المثبت فقط، فإذا قلت في قصر الموصوف على الصفة-: (المتنبي شاعر لا خطيب) فقد نصصت على المثبت للمتنبي وهو (الشعر)، كما نصصت على المنفي عنه وهو (الخطابة)، وإذا قلت - في قصر الصفة على الموصوف-: (نجح فؤاد لا عماد) فقد نصصت على الذي أثبت له النجاح-، وهو (فؤاد) كما نصصت على الذي نفيت عنه النجاح وهو (عماد)، وهذا القول ينطبق على العطف "ببل" و"لكن".
على أنه لا يترك النص على المثبت والمنفي إلا كراهة الإطناب لغرض ما، كضيق المقام، وذلك مثل أن تقول: هشام يعلم النحو لا غير، أي لا غير النحو، أي: لا الصرف ولا العروض - مثلاً - فيكون من قصر الموصوف على الصفة، أو لا غير هشام، أي لا فؤاد ولا عماد - مثلاً - فيكون من قصر الصفة على الموصوف.
ولكنك تقول في النفي والاستثناء - في قصر الصفة على الموصوف -:
"ما شجاع إلا خالد" فتنص على ما أثبت له الشجاعة - وهو خالد - ولا تنص على من نفيتها عنه، وهو:"فؤاد" - مثلاً -: كما تقول - في قصر الموصوف على الصفة - "ما خالد إلا شجاع" فتنص على الصفة المثبتة وهي "الشجاعة" دون الصفة المنفية، وهي:"الجبن".
وتقول في "إنما": - في قصر الصفة على الموصوف- "إنما شاعر شوقي" كما تقول - في قصر الموصوف على الصفة-: "إنما شوقي شاعر"، فقد ذكرت في الأول من أثبت له الشاعرية وهو:"شوقي"، ولم تذكر من نفيتها عنه، وذكرت في الثاني الصفة التي أثبتها لشوقي ولم تكر الصفة التي نفيتها عنه.