للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما أنها قالوا: إن المراد بالعقلي: هو ما لا يرك هو ولا مادته بإحدى الحواس الظاهرة، لعدم وجوده خارجًا، ولكن بحيث لو وجد لم يدرك إلا بها. ليدخل فيه: التشبيه الوهمي، وهو: ما اخترعه الوهم من عنده، من غير أن يكون له، ولا لمادته وجود في الخارج، كما في قول امرئ القيس:

أيقتلني والمشرفي مضاجعي ... ومسنونة زرق كأنياب أغوال

وكما في قوله تعالى: (في شجرة الزقوم): {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ} [الصافات: ٦٥].

فأنياب الأغوا ورؤوس الشياطين لا وجود لها ولا لمادتها، وإنما هي من اختراعات الوهم وافتراءاته (١)، ولكننا لو افترضنا وجودها، لا ندركها إلا بالحس الظاهر.

ب- إفراد الطرفين وتركيبها: والتشبيه "بهذا الاعتبار" ينقسم إلى أربعة أقسام:

١ - تشبيه مفرد بمفرد: وهما إما أن يكون غير مقيدين، كتشبيه الخد بالورد وإما أن يكون مقيدين، كقولهم لمن لا يحصل من سعيه على طائل: هو كالراقم على الماء. فالمشبه هو الساعي المقيد بأنه لا يحصل من سعيه على شيء، والمشبه به المقيد بكون رقمه على الماء لأن وجه الشبه هو: التسوية بين الفعل وعدمه وهو موقوف على اعتبار هذين القيدين.

وكأن تقول: "علم بلا عمل كشجرة بلا ثمر"، فالمشبه هو: العلم المقيد بكونه بلا عمل، والمشبه به هو: الشجرة المقيدة بكونها بلا ثمر، وذلك لأن وجه الشبه هو: انعدام الفائدة في كل منهما، فالعلم الذي لا يعمل به لا فائدة منه، كما أن الشجرة التي تثمر لا فائدة منها، فوجه الشبه إذا متوقف على اعتبار هذين القيدين.

ومنه قول الشاعر:

إني وتزييني بمدحي معشرا ... كمعلق دراً على خنزير

خنزير يريد تزيينه.


(١) ... على كان معروفًا عند العرب من الاشمئزاز والنفور عند ذكرها، فخاطبهم القرآن بما هو معهود عندهم ليؤثر فيهم. أهـ. المصحح.

<<  <   >  >>