والمشبه "كما ترى" مقيد بحال، وهو قوله:"وتزييني"، كما أن المشبه به مقيد بمفعول وجار ومجرور، وهما قوله "دًرا على خنزير".
ووجه الشبه هو:"هيئة من يضيع الشيء في غير موضعه" وهو متوقف على القيدين كما رأيت، ومنه قول شهاب الدين التلغفري، يصف الشمس عند شروقها:
ولاحت الشمس تحكى عند مطلعها ... مرآة تبر بَدَت في كفَّ مُرتعش
فقد شبه الشمس عند شروقها بمرآة من تبر في يد مرتعشة، فالشمس مقيدة بوقت طلوعها، والمرآة مقيدة بكونها من تبر وبكونها في يد مرتعشة، ووجه الشبه: هو الهيئة الحاصلة من الاستدارة والحركة السريعة المتصلة مع تموج الإشراق، وهذه الهيئة لا تتحقق إلا بما ذكر من قيود في طرفي التشبيه.
وقد يكون المشبه مطلقاً والمشبه به مقيداً، وذلك كما في قول الشاعر:
والشمس كالمرأة في كف الأشل ... لما رأيتها بدت فوق الجبل
فقد شبه الشاعر الشمس "وهى مطلقة من التقيد" بالمرآة "وهي مقيدة" بكونها فئ يد الأشل، ووجه الشبة: هو الهيئة التى سبق أن عرفتها من البيت السابق وتلك الهيئة لا تتحقق إلا بذكر القيد المذكور.
ومنة قول أمير الشعراء:
ومصر كالكرم ذي الإحسان فاكهة ... لحاضرين، وأكواب لبادينا
فقد شبه الشاعر مصر بالكرم زى الفوائد الجليلة، فخيراتها ينعم بها الحاضر والبادي على حد سواء، فالمشبه وهو مصر غير مقيد "لفظاً" بشيء، والمشبه به وهو الكرم مقيد بقيد، وهو قوله:"ذي الإحسان"، ووجه الشبه هو: عموم النفع في كل، وهو لا يتحقق إلا بالقيد المذكور.
وقد يكون المشبه مقيداً والمشبه به مطلقاً، وذلك كأن تقول:
(كأنَّ القائد - وهو يهجم على الأعداء - خالد بن الوليد)