عرف البلاغيون الإيجاز بأنه:"تأدية المعنى بعبارة أقل منه" وعرفوا الإطناب بأنه "تأدية المعنى بعبارة زائدة عليه" وعرفوا المساواة بأنها: "تأدية المعنى بعبارة مساوية له".
فالمساواة: هي الحد الوسط بين الإيجاز والإطناب، ومثاله قول الله تعالى:{وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}[فاطر: ٤٣]؛ يعني: لا ينزل المكر السيء إلا بمن يستحقه بعصيانه وكفره؛ والمكر السيء من جانب الله تعالى: أن يفعل بالعبد ما يوبقه.
وإنما كانت الآية من قبيل المساواة؛ لأن المعنى قد أدى بما يستحقه من التركيب وضعًا يقتضى ذلك، ومثله قوله النابغة الذبياني:
فإنك كالليل الذي هو مدركي ... وإن خلت أن المنتأى عنك واسع
يقول: أين المهرب منك؟ فإنك منى كالليل الذي هو- لا محالة- مدركي فلست بمستطيع أن أفلت منك مهما أمعنت في الفرار، وظننت أنني بمنجى يعصمني ويقيني؛ لما لك من قوة النفوذ وسعة السلطان.
والشاهد في البيت أن معانيه مفرغة في قوالب مطابقة لها.
ومن المساواة: قول الله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ}[الأنعام: ٦٨] وقوله صلى الله عليه وسلم: "الحلال بين والحرام بين، وبين ذلك أمور متشابها" وذلك لأن ألفاظ الآية والحديث على قدر معانيها، فلو حاولت أن تزيد فيها لفظاً أو تسقط كلمة لكان ذلك من قبيل الحشو في الأول، ومن قبيل الإخلال في الثاني.
والإيجاز- كما عرفت- هو (أن يؤدي المعنى بعبارة أقل منه) على أن يكون اللفظ وافياً بالمعنى المقصود، بمعنى: أن تكون الدلالة واضحة لا خفاء فيها، فإن لم يكن وافياً بالمعنى المراد كان ذلك إخلالاً بالمعنى ولم يكن إيجازاً، كما في قول الحارث بن حلزة: