للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد كان عبد القاهر يلقب بالنحوي، وعد من أئمة النحاة، كما أنه بعد من أئمة البلاغة، فعلى معاني النحو بنى نظريته في البلاغة والبيان، وتصدر بجرجان وذاع صيته في الآفاق، وشدت إليه الرحال، وظل مقيماً بجرجان يفيد الراحلين إليه والوافدين عليه، وقضى عمره في مدينة جرجان لم يفارقها طول حياته، وتوفى سنة ٤٧١ هـ.

وكان من تلاميذه المذكورين الواردين على العراق والمتصدرين ببغداد: على بن زيد الفصيحي، وقد تثقف على يديه جماعة كثيرة وأخذوا عنه ما آخذه هو من عبد القاهر.

وقد خلف عبد القاهر آثاراً كثيرة في النحو والصرف والبلاغة، وأهم هذه الآثار وأعلاها قدراً كتابان في البلاغة هما: "دلائل الإعجاز" و"أسرار البلاغة".

["دلائل الإعجاز" و"أسرار البلاغة"]

كانت المرحلة التي سبقت عبد القاهر حافلة بدراسة صور البيان وألوان البديع وبنظرات متفرقة عن المعاني، غير أن صور البيان كانت في حاجة إلى من ينظمها في عقد يجمعها، ويسلكها في نظرية تستنظمها، كما أن تلك النظرات المتفرقة عن علم المعاني كانت هي الأخرى في حاجة ماسة إلى نظرية واضحة المعالم، تحدد صوره، وتعدد مسائله وتبين شواهده وأمثلته.

ومن يمن الطالع أن ينجرد لهذه المهمة الجليلة إمام البلاغة أبو بكر عبد القاهر ابن عبد الرحمن الجرجاني المتوفي سنة ٤٧١ هـ، فيتحف اللغة العربية بمؤلفين عظيمين هما: "دلائل الإعجاز" و"أسرار البلاغة" مؤسساً بأولهما علم المعاني ومستخرجاً مكنوناته، ومعدداً صوره ومحدداً مسائله، وذلك من خلال تطبيق نظرية النظم التي كانت من قبله فكرة غير واضحة المعالم، وجامعاً بثانيهما صور البيان في إطار محدد، بعد أن أشبعها دراسة وبحثاً واستشهاداً وتمثيلاً.

وقد تضمن (دلائل الإعجاز) ما يلي:

أولاً: مقدمة ذكر فيها الحاجة إلى علم النحو، وفضل علم البيان، وإقامة الحجة على من زهد في رواية الشعر وحفظه، ثم تناول الكلام في النحو وتزهيد الناس فيه.

<<  <   >  >>