للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

التدبيج: من الطباق نوع يسمى تدبيجًا؛ وهو: أن يذكر في معنى- كالمدح أو غيره- ألوان بقصد الكناية، أو التورية.

أما تدبيج الكناية: فكقول أبي تمام من قصيدة في رثاء محمد بن حميد:

تردى ثياب الموت حمرًا فما أتى ... لها الليل إلا وهي من سندس خضر

ومعنى (تردي ثياب الموت): اتخذها رداء؛ والمراد بثياب الموت: ما كان يليه وهو يحارب، وإنما كانت حمرًا لأنها احمرت بدم القتلى، والسندس رقيق الحرير، والأول كناية عن القتل، والثاني كناية عن دخول الجنة.

وقد طابق هنا (حمرا) و (خضر)

وقول ابن حيوس:

إن ترد علم حالهم عن يقين ... فالقهم يوم نائل أو نزال

تلق بيض الوجود سود مثار النقع ... خضر الأكناف حمر النصال

النائل هو: العطاء، والنزال هو: القتال، ومثار النقع: غبار الحرب، والأكناف: جمع كنف وهو الجانب، وخضرتها: كناية عن سواد دروعها لأن العرب تسمى الضارب إلى السواد أخضر، وحمر النصال: كناية عن قتل الأعداء بها؛ وقوله: بيض الوجود: كناية عن كرمهم؛ وما بعده: كناية عن شجاعتهم.

وأما تدبيج التورية: فكقول الحريري: (قد ازور المحبوب الأصفر، واغبر العيش الأخضر، وأسود يومي الأبيض، وأبيض فودى الأسود، حتى رئى لي العدو الأزرق؛ فيا حبذا الموت الأحمر).

ففي قوله: (ازور المحبوب الأصفر) تورية بالذهب

ما يلحق بالطباق: يلحق بالطباق أمران:

أولهما: أن يجمع بين معنيين لا يتنافيان في ذاتهما، ولكن يتعلق أحدهما بما يقابل الآخر بسببه أو لزومه أو نحوهما؛ نحو قول الله تعالى: {أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح: ٢٩] وذلك لأن الشدة لا تقابل الرحمة؛ وإنما تقابل اللبن الذي هو سبب في الرحمة.

<<  <   >  >>